كي لا تبقى قنواتنا كروية فقط

محمود تراوري

TT

قبل فترة، ومع وصوله إلى الخمسين، كان العداء كارل لويس يؤكد أنه يشعر بجاهزيته «لبداية جديدة». فبعيدا عن المضمارات وبعد وأد أحلامه في اقتحام عالم التمثيل، يأمل «ابن الريح» في العثور على مكان له في عالم السياسة. في ذكرى ميلاده، قبل نحو 4 أشهر من الآن، أعلن في مقابلة صحافية ترشحه عن الحزب الديمقراطي لانتخابات مجلس الشيوخ بولاية نيوجيرسي، أي أن واحدا من أهم العدائين في التاريخ وأكثرهم نجاحا على مستوى الدورات الأولمبية يرغب في اقتحام عالم السياسة المحلية.

خلال المقابلة، أكد العداء، الذي شكل لنا إبهارا عام 1984، بل هو ما زال يعتبر دورة لوس أنجليس اللحظة الأفضل في تاريخه: «أرى أن عليَّ دورا لإلهام الأطفال»، وهو يعتبر باراك أوباما مثله الأعلى سياسيا: «لم يدفعني بشكل مباشر للترشح، لكنني أشعر بأنه وأسرته يلهموني بشكل مباشر». كان المشوار الرياضي للويس مصدر إلهام. فقد كسب 10 ميداليات أولمبية، من بينها 9 ذهبيات، كما توج بطلا للعالم 8 مرات. وفي دورة ألعاب لوس أنجليس الأولمبية عام 1984 وهو في سن الـ23 كرر إنجاز جيسي أوينز في برلين عام 1936، وفاز بالميدالية الذهبية في سباقات 100 و200 و4×100 والوثب الطويل.

كان بسيطا وعميقا في الوقت ذاته، وهو يغوص بتفاصيل تلك اللحظة: «كنت في القمة. أعين العالم كانت مسلطة عليَّ. كنت أكسب سباقات. والداي كانا في المدرجات. كل يوم كنت أذهب إلى بيتي فأجد أسرتي هناك. كنا جميعا معا. كنت أنظر إلى أعينهم فأرى كم كانوا فخورين».

استعدت كارل لويس وأنا أتملى في صورة العداء السعودي إبراهيم بشير، صاحب الميدالية الفضية والمركز الثاني في نهائي سباق 400 متر حواجز بزمن شخصي جديد قدره 51.14 ثانية، ضمن بطولة العالم السابعة لألعاب القوى للناشئين في مدينة ليل الفرنسية، وهو يصافح الأمير نواف بن فيصل، لسبب ما رأيت فيه شبها بلويس، حين تكلم بجمال.. ما زلت أتذكر كلمات اللاعب هادي صوعان، صاحب إنجاز سيدني الأولمبي، الذي نصحني نصيحة ما زال صداها يدوي في أذني وقالها لي في الملعب؛ إذ أشار إلى اللاعبين قائلا «إنه لا يوجد بطل محدد من هؤلاء، والفرصة متاحة للجميع ليكونوا أبطالا فلماذا لا تكون واحدا منهم؟»، هذه الكلمات كان لها وقع كبير في نفسي، فحماسي ارتفع وقررت أن يكون طموحي تجاوز صوعان وتحقيق أفضل من إنجازه في سيدني 2000م، فهو حقق فضية وأنا طموحي ذهبية، وسأبدأ مشوار الطموح بالتدريج حيث تنتظرني العام المقبل مشاركة مهمة في بطولة العالم للشباب بإسبانيا وطموحي من دون شك ميدالية ذهبية.. الأبطال في الألعاب الفردية يشرعون نوافذ أمل وحلم بدقة أجمل؛ لذا يستحقون الاحتفاء والالتفات دائما لمنجزهم. وهذا ما يأمله الكثيرون من القنوات الرياضية السعودية حتى لا تبقى قنوات «كروية» فقط.