رحيل أخ «عزيز»

عبد الرزاق أبو داود

TT

رحل عنا هكذا فجأة، ومن دون سابق إنذار أو لحظة وداع، على سبيل الذكرى أو الاستذكار. رحل «أبو تركي» إلى جوار ربه، وأصابنا الوجوم، وفاجأتنا لحظة الرحيل، وصدمنا الخبر الحزين. نعم رحل الأمير والأخ الحبيب العزيز محمد العبد الله الفيصل. رحل «أبو تركي» عن هذه الدنيا الفانية إلى رحاب رب عفو كريم. نرجو وندعو أن يتقبله المولى سبحانه وتعالى مع الصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

رحل صاحب القلب الكبير، والعطاء الجزيل، والوجه الطليق. رحلت حلاوة المعشر، واختفى نقاء السريرة، وتراجعت الأريحية، وانزوى الكرم جانبا.. فقد ترجل فارس مكارم الأخلاق المحلق دائما. كان يعطي وهو يرى أن عطاء ربه غير مقطوع ولا ممنوع، فلم يقل «لا» لسائل يوما، ولم يتردد يوما في مساعدة الضعفاء والمحتاجين. رحل «أبو تركي» وتلاشت حلاوة وطلاوة الكلمة الشاعرة المجنحة، وانقطع النظم الشعري المتدفق غناء وطربا، وبكت طيبة النفس على من كان ذا نفس حفية مترفعة عن الصغائر. رحل «محمد» وقد كان ملء السمع والبصر والفؤاد، وقد أصابتنا سرعة رحيله بالحزن والأسى.

عندما علمت بالخبر عبر رسالة جوال جاءت هي نفسها متسائلة عن حالته الصحية، هاتفت على الفور مع شيء من اللوعة والحزن والارتباك أحبتي وأحبة «أبو تركي»، لكي أتأكد عن يقين ما الذي يجري، فلعل ناقل الخبر المتسائل كان مخطئا أو اختلط عليه الأمر، فلم أكن مصدقا ولست مستعدا لقبول هكذا «أخبار»، رغم إيماني العميق بأن الحياة والموت حق، وحقيقتان دائمتان يستشعرهما ويمر بهما كل البشر منذ آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. كانت الأخبار الواردة من المستشفى في أميركا تشير إلى أن وضع «أبو تركي» الصحي في تحسن باستمرار، لكن هول الصدمة والحقيقة الفاجعة كان أقوى من كل شيء، فشعرت بشيء من الانهيار. وذرفت الدمع حارا متقدا على من لو كان حيا لأسعدنا وأسعد كثيرين. نعم رحل «أبو تركي»، أميري بكل فخر، وأخي بكل محبة وصدق، وصديقي على مدى سنوات طوال مع مرور الصعاب والآهات والأحلام والانتصارات والأيام الحلوة السعيدة.. ومن كان له أثر كبير ودور عظيم في مسيرة حياتي الشخصية والعملية والعلمية وحياة أبنائي كذلك. نعم فهذه كانت حقيقة أفتخر بها وستظل كذلك، وسأظل مدينا لـ«أبي تركي» رحمه الله. رحل «محمد بن عبد الله بن فيصل بن عبد العزيز» وهذه سنة الله في خلقه ولا راد لقضائه وقدره سبحانه وتعالى، فالحمد لله على كل حال وفي أي حال وبعد كل حال ومآل.

رحم الله الحبيب «محمد العبد الله الفيصل» وأسكنه فسيح جناته، فقد كان قمة سامقة في كثير من المجالات. كان شعاعا ثاقبا، وعقلا وعقلية راجحة من الفكر والحركة والعطاء والأريحية والأثر والتمرس، فإلى جنات الخلد أيها الأخ والحبيب والصديق العزيز، وإنا والله على فراقك لمحزونون، لكنا لا نقول إلا ما يرضي الرب والخالق، (إنا لله وإنا إليه راجعون).