رابطة المحترفين.. لماذا الآن؟

محمود تراوري

TT

شكل قرار تطبيق الاحتراف، مطلع التسعينات الميلادية من القرن الماضي، منعطفا محوريا في تاريخ الكرة السعودية، واعتبر من أهم القرارات التي رفعت سقف الطموحات بأن نخرج من مرحلة الهواية والبدائية إلى ما هو أعمق، وهو دافع لنا لأن نقترب – على الأقل – من التنافس عالميا، بعد التتويج الإقليمي والتفوق القاري.

طبعا تشابكت الرؤى مع الأحلام مع مصالح الطبقات الاجتماعية على تنوعها، ولكننا في كل هذا – للأسف – لم نؤسس لفلسفة، تمثل جزءا من تفكير عميق، ينتشلنا من العشوائيات.

في بدايات تطبيق الاحتراف، كان الموقف شبه ضبابي، المجتمع بدا كأنه متحفظ، أو بلا رؤية محددة، النخب الثقافية ظلت متبسمة فقط، حينما كان عدد من الاقتصاديين يتهكمون. عدد من الرياضيين والمراقبين حينها، رأوا في الأمر منح الاحتراف شرعية، بعد أن كان يمارسه عدد لا بأس به من اللاعبين، لكن بشكل غير معلن أو معترف به.

عندما تتأمل حديث الناس الآن على خلفية انتقالات بعض اللاعبين، وأزماتهم مع أنديتهم، لا تلمس شيئا مختلفا عن زمن البدايات قبل 20 عاما!

ربما اللافت وإن ظهر مواربا، وهو دعوات خجول لتأسيس رابطة للاعبين المحترفين، لكن في تقديري أن رابطة كهذه لن تكون مجدية وفعالة، إن تحتفظ بماهية معنى رابطة، وإلا ستكون كغيرها من مؤسسات مجتمع مدني نؤسسها لدينا بعد أن نفرغها من مضمونها ومحتواها (وما هيئة الصحافيين، وما شابهها من جمعيات عنا ببعيدة). المدهش هنا، أنه حتى إشكالياتنا الرياضية نظل نعيد تدويرها ما بين الفينة والفينة، وفي كل مرة تنتهي الزوبعة، وننسى، وعندما نستيقظ من جديد، نروح نجتر ونعيد ما دورناه قبل فترة في الإشكالية ذاتها مع اختلافات صغيرة في التفاصيل، لكن تبقى العناوين العريضة واضحة المعالم، وكلها يشير إلى أهمية أن يتعلم الإنسان حل مشكلاته من جذورها؛ لأن المعالجة عندما تكتفي بالسطح، تعطي الجذور في الأعماق فرصة أن تستجمع قواها لتعاود نموها وتعود من جديد.

في تصوري لو أننا امتلكنا عمقا في التفكير المتأتي أساسا من وجود الشخص المناسب في المكان المناسب لما ظللنا نجتر إشكالياتنا بهذا الشكل من دون أن يتعمق الاحتراف كفكر وسلوك واضحين.

تجربة الاحتراف أكملت العقدين، مما يستوجب ضرورة مراجعتها برؤية تصحيحية صريحة. كتبت مثل هذا الكلام قبل سنوات، واليوم ألح عليها، بضرورة مراجعة المعطيات التي في ضوئها، كتبت اللوائح، أو استنسخت من مجتمعات تختلف عنا في سياقاتها الاجتماعية والثقافية والقانونية، بل هي لوائح تستند إلى دساتير وقوانين واضحة ومباشرة في لغتها لا تهيمن عليها «مجازيات» لغتنا العربية التي غالبا ما تفضي إلى تشعب وتعدد تأويلات، مما يجعلنا ندور دائما لنبقى عائدين باستمرار للمربع الأول.