رجل الأهلي.. وأبو الهلال

مسلي آل معمر

TT

في كل مجال هناك رجال لا يمكن تعويضهم، بل لا تعرف قيمتهم جيدا إلا بعد رحيلهم، وآخر الذين رحلوا عنا كرياضيين هما رجل الأهلي الكبير الأمير محمد بن عبد الله الفيصل، ومؤسس الهلال عبد الرحمن بن سعيد؛ حيث فقدت الرياضة السعودية قطبين من أقطابها، أسهما وقدما الكثير من خلال ناديي الأهلي والهلال. الحديث عن الراحلين يطول ويمتد بامتداد تاريخهما، وعلى الرغم من أنهما كانا يحظيان بالتقدير والاحترام من رجالات الأهلي والهلال في حياتهما فإنهما أيضا يستحقان أن يكرما بعد وفاتهما.

وعلى الرغم من أن هناك من وصف الراحل عبد الرحمن بن سعيد بأحد رواد الحركة الرياضية، ورمز الهلال وشيخ الرياضيين وغيرها من الألقاب التي ربما لا تفي بما قدمه هذا الرجل للرياضة السعودية طوال الـ60 عاما الماضية، لكنني شخصيا، من خلال متابعتي ومن خلال ما سمعته من بعض الزملاء والمؤرخين الرياضيين، أعتقد أن أدق وصف لهذا الرجل هو «أبو الهلال».. فأتذكر أنني كنت أتحدث مع زميلنا وأستاذنا العزيز عبد الرحمن الجماز عن ابن سعيد وعن الراحل الآخر الأمير عبد الرحمن بن سعود فقال: هذان الرجلان عندما تتحدث سلبا عن نادييهما فكأنك تشتم أحد أبنائهما، هما يختلفان عن البقية؛ لأنهما أفنيا عمريهما في بناء هذين الناديين.

إن من يتتبع مسيرة ابن سعيد مع الهلال لا يمكنه أن ينكر أن هذا الرجل قد تعامل مع الأزرق كالابن الذي رباه وعلمه وحرص على أن ينشأ في أفضل بيئة ليكون الأميز بين أقرانه، بل إنه رسخ فكر النادي المفتوح لجميع أبنائه، والأفضلية والأولوية دائما للأقدر على الدعم والمساندة، فيكاد نادي الهلال يكون هو النادي الوحيد الذي لا يدخل في صراعات انتخاب الرئيس؛ فالآلية المتبعة هي عرض الرئاسة على أقدر شخص على قيادة النادي أيا من كان هذا الشخص حتى ولو لم يكن هلاليا، كما رسخ ابن سعيد مع بعض رجالات النادي ثقافة الاحترام داخل البيت الأزرق، فمن يدخل هذا البيت لا يمكن أن يغادره بإساءة حتى وإن أخطأ؛ حيث تبقى المشاكل لا تتعدى أسوار البيت. ليصبح البيت الهلالي مضربا للمثل في احترام رجالاته لبعضهم البعض وعدم عرض الخلافات في وسائل الإعلام.

الفقيد محمد العبد الله الفيصل هو من أول من تبنى الصرف بسخاء منقطع النظير على كرة القدم، وهو أكثر من طالب بالاحترافية وطبقها؛ حيث كان الأهلي النادي الوحيد الذي يصرف رواتب المحترفين قبل نهاية الشهر إبان إشرافه على الفريق الأول منذ عام 1996 إلى عام 2003.

لقد رحل رواد الحركة الرياضية: عبد الله الفيصل، عبد الرحمن بن سعود، فيصل بن فهد، محمد العبد الله الفيصل، عبد الرحمن بن سعيد وغيرهم، وستبقى أفعالهم مخلدة، لكن ماذا عن الجيل الجديد من الرياضيين؟ هل سيحفظ التاريخ ما يسجل في صفحات جيل الـ«تويتر»؟