معلقون.. لا مهرجون!

مساعد العصيمي

TT

كتبت غير مرة أن هناك خيطا رفيعا بين التعليق والتهريج، وأشرت إلى أن مجتمعنا الخليجي معني بكثير من المبدعين في هذا الشأن لكن لم يمنعهم ذلك من الغثاء فاقتحم مجالهم بعض مهرجين جعلوا من هذه الصفة التي يتسابق عليها كبار العارفين من أصحاب المجد والخبرة محطة غثاء وهرج زائف أقلقت كثيرين، لكنه لم يمنع محطات تلفزيونية كثيرة من الاهتمام بالشأن التعليقي المتميز حتى إنها باتت تتسابق وتدفع أعلى المخصصات لهم رغبة في جذب المشاهد إليها.

ما علينا، ولكن يبدو أن التحقيق الذي قام به الزميل ياسر البهيجان وتقرأونه في هذه الصفحة عن المعلقين قد أثار فضول كاتب هذه السطور لأستميح القارئ الكريم في خوض الحديث عن التعليق بعد أن أغلق الزميل البهيجان الباب وحصره على المعلقين من خلال تقريره الجميل الذي خص حقوقهم وكيفية التعامل معهم، وأقول بعد التوكل على الله إنه ما من مرة استمتعت بمشاهدة مباراة كروية إلا وجدت خلف هذا الاستمتاع معلقا متمكنا متألقا استطاع أن يمنح مستمعيه كل الإثارة والمتعة اللتين يحتاجون إليهما، مقابل ذلك هناك من المعلقين من يفسد متعة المشاهدة، حينما يعتقد أنه في إطار الثقافة وهو وسط معمعة اللقافة، غير أن عينه على أوراقه وعلى المنصة أكثر مما يدور في الملعب!

جانب آخر، فالخوف من النقد يسيطر على كثير من معلقينا حتى باتوا يخشون الإفراط في التعبير أو يلجأون إلى المبالغة في ردة الفعل كي يأمنوا شر النقد وكأنهم أرادوا أن يكونوا توافقيين، مصلحين ينحون إلى الخروج بأقل الخسائر وكثير من الرضا!

وبين هذا وذاك ثمة سؤال: هل المعلق صاحب دور تعريفي أم وصفي للحدث؟ وأستعجل لكي أجيب: إنه وسط معمعة تحليل المباريات المنتشرة في كل القنوات أعتقد أنه وصفي ولا نحتاج إلى التحليل، لكن بعض معلقينا يفرط في التحليل وهو غير مطلوب منه بل إن بعضهم يرى إبداعا لا يراه أحد غيره من نوعية «يا ربيه» «وشيء مو معقول» وكأنه يتعامل مع مغفلين هو فقط مصدر الحقيقة لهم! غير ذلك فلا أجد أي شيء أكثر صفاقة وسماجة من أن ينحو المعلق إلى تغليب العاطفة على حقيقة الحدث، وهو ما يفعله كثير من معلقينا حين المواجهات الخارجية للأندية والمنتخبات، لكي يثبتوا ولاءهم أو انتماءهم، ولا بد من الصراخ والتفاعل المبالغ فيه كي ننتصر ونرضى عن المعلق، كذلك الأمر نفسه حينما يريد أن يكون حياديا في المدح أو التقريع في ظل منافسة ظاهرة المعالم والتفضيل، فيضيع بين المجاملة والخوف من النقد، وفي كلتا الحالتين يسقط المعلق.

جميل القول إن التعليق يسير نحو الأفضل، بل يكفي أن لدينا من هم في قائمة الأفضل عربيا كما هم الكعبي وسيف وعوض والعتيبي، لكن ما زلت على رأي أستاذ المعلقين العرب أكرم صالح - رحمه الله - الذي قال في أحد لقاءاته الصحافية عن بعض المعلقين: «ليس كل من صف الصواني حلوانيا».

[email protected]