أول دقيقة في ساعة الحقيقة

مصطفى الآغا

TT

يوم الجمعة ستنشغل آسيا كلها بانطلاق التصفيات «الجدية» التي ستقرر مصير 20 منتخبا ومن منهم سيصل لنهائيات البرازيل 2014 ومن منهم سينتظر 4 سنوات أخرى كي يحاول الوصول لروسيا 2018. والأكيد أن الدول التي لم تذق طعم المشاركة في نهائيات كؤوس العالم لديها شغف طاغٍ لتجربة هذا الإحساس الذي جربه 10 من الـ20، بينما البقية يحلمون بهذا الشرف الذي بات مطلبا جماهيريا «محقا»، خاصة أن الفوارق التي كانت موجودة في السابق قد تلاشت الآن وباتت المنتخبات أقرب لبعضها البعض، مع التأكيد على أن هناك طوابق تفصل بين الجميع لأسباب لا تخفى على أحد من احتراف حقيقي لدى البعض من الـ20، كما يحدث في اليابان وكوريا وإيران والصين وأستراليا وبدرجة أقل في السعودية والإمارات وقطر وبقية الدول، إضافة لموارد مالية هائلة ومدربين عالميين للأندية والمنتخبات وطواقم طبية محترفة ودوريات عالية المستوى تحظى بجماهيرية جارفة، كما في السعودية واليابان وإيران وكوريا الجنوبية، وتغطية إعلامية تسهم بشكل أو بآخر في دفع عجلة الكرة للأمام في هذه الدول وإنجازات سابقة ومشاركات في بطولات قارية وعالمية لا يمكن إنكار تأثيرها على عقليات اللاعبين وتصرفهم خلال المباريات الحاسمة والفاصلة.

ومن خلال هذه العوامل يجب وضع كل منتخب في الخانة الواقعية التي يجب النظر من خلالها لما يمكن توقعه على الأرض، مع الاعتراف بأن كرة القدم لا تعترف، في كثير من الأحيان، لا بالجغرافيا ولا المنطق ولا مساحات النجومية الفردية لكل منتخب.

البداية حتما صعبة على كل المشاركين مهما اختلفت أوزانهم وأحجامهم، خاصة أنها تأتي في ظروف مختلفة لكل منتخب.

من هنا، فالواقعية مطلوبة في التعامل مع كل مباراة على حدة ومع كل منافس أيضا وحتى يضمن أي منتخب فرصة الصعود للدور المقبل؛ حيث سيبقى 10 يقسمون على مجموعتين يتأهل منهم 4 مباشرة للبرازيل ويلعب اثنان تصفية فيما بينهما ثم يواجه الفائز منهما خامس أميركا الجنوبية الذي يقول المنطق إنه قد يفوق قوة أي منتخب متقدم في آسيا، وحتى يضمن أي منتخب فرصة الوجود في كأس العالم فعليه ضمان نقاط المباريات التي يلعبها على أرضه أولا؛ لأن خسارة أي مباراة تعني تضاؤل فرص التأهل وتضع الخاسر في حسابات ستضغط حتما على أعصاب ونفسيات اللاعبين وجماهيرهم.

من هذا المنطلق فأنا ضد الإفراط في التفاؤل وضد الإفراط كذلك في التشاؤم، ومع التعاطي مع كل مباراة بالقطعة، وحسب نتائج هذه المباراة يمكن البناء عليها لاحقا، ومن الخطأ البناء على نتائج المباريات الودية لأسباب يعرفها القاصي والداني، ومن الخطأ أيضا ربط مصير منتخب بحالات فردية أو حتى بأسماء بعينها؛ لأن التجارب علمتنا أننا نتفاءل حينا فنصاب بالإحباط ونتشاءم أحيانا فتأتي النتائج عكس ما اعتقدناه.

المطلوب من العرب تحديدا أن يعرفوا أن التأهل لكأس العالم عن آسيا أسهل بكثير مما يحدث في أوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، شريطة أن نعرف حقيقة أحجامنا الحالية قياسا على أحجام اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية التي قيل إنها في واد وبقية آسيا في واد آخر.