إيمانا الجسد خارطة الطريق

محمود تراوري

TT

طبق كبير يعرف شعبيا بـ«التبسي» مشبع دهونا، مملوء بالأرز وكميات كبيرة من اللحم، يعرف محليا بـ«المفطح» ويتحلق حوله بنهم ووله رياضيون.

هي صورة دأبت الصحافة على نشرها بين وقت وآخر في مناسبات معينة، قد تكون مقبولة اجتماعيا كتعبير عن مأدبة أو وليمة بهجة وانشراح. لكنها حين تكون في الحقل الرياضي، فلا بد من نقطة توقف حيالها.

بالأمس نشرت إحدى الصحف صورة لمهاجم الأهلي السفاح فيكتور الذي يظهر بتسريحة شعر ليست محببة في النسق المحلي ولا يقبلها الوعي السائد، ولأن التسريحة أمر هامشي، مثلها مثل الألتراس وما شابه من هوامش، ليست موضوعي الآن، فالصورة أبرزت ما يكتنزه جسده من عضلات تتماهى تماما مع لقبه (السفاح). في الهلال - مثال آخر - إذ يبدو الكاميروني إيمانا - بغض الطرف عن واقعته الأخيرة - ببنية رياضية تليق بلاعب كرة قدم حقيقي، قادر على الركض ألف دقيقة والالتحام والقفز وما إلى ذلك من قوة بدنية لا يكتمل عطاء لاعب كرة قدم محترف إلا بها، خاصة إذا ما استحضرنا نماذج لبنيات كروية عكس ذلك كعماد الحوسني أو محمد الشلهوب أو مختار فلاتة أو حمد المنتشري أو يحيى الشهري، ما يحيلنا فورا إلى معضلة كبرى باتت تعاني منها الكرة السعودية، بالإحالة إلى قامات كروية مكتملة البنية كانت تسود ملاعب الكرة السعودية.

قبل فترة تلقى نجم التنس الإسباني رافاييل نادال أوامر من الأطباء بتناول «الكثير من الفاكهة» لتجنب التعرض للتقلصات الدرامية التي أصيب بها في ساقه عقب مباراته ببطولة أميركا المفتوحة أمام الأرجنتيني ديفيد نالبانديان.

بعيدا عن البنية الجسدية للاعب العربي، التي تبدو متفوقة ومعقولة نسبيا في معظم لاعبي شمال أفريقيا وخاصة الجزائر، لأنها لا تنفصل عن عوامل أخرى كالمناخ والبيئة والثقافة الغذائية السائدة، لا بد أن نتساءل عن طبيعة وواقع التغذية السائدة بين المحترفين المحليين لدينا، وإلى أي حد تبدو المسألة ذات أهمية ومتابعة صارمة؟ استنادا إلى واقعة نجم التنس الإسباني، وإلى حجم الوقت الذي يضيع في منافسات الدوري السعودي نتيجة توقف اللعب باستمرار جراء الإصابات والسقوط المتكرر للاعبين، ما يفسد متعة كثير من النظارة، نتيجة توقف اللاعب، وكثرة «الفاولات» فاللاعب العربي بشكل عام، سريع السقوط، وسريع الإصابة، وهنا لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل البنية الجسدية ونوعية أو ثقافة التغذية.

وبما يجعلنا نتطلع إلى أفكار «استراتيجية» بعيدة المدى يمكن أن تجعل ملاعبنا تتوفر على لاعبي كرة قدم حقيقيين متكاملي البنية، فائقي المهارة، أصحاب توافق بدني ذهني سليم.

أظن أن هذه هي أولى خطوات التغيير لواقع كروي أفضل، أو هكذا أتصور، إن رمنا ونشدنا التفوق.