لا تظلموا النقد.. افهموه فقط!

هيا الغامدي

TT

ما من شك في أن النقد كأداة لفظية تعبيرية عن الرأي تجاه مسألة ما أو موضوع بعينه هو حق من الحقوق الآدمية المشروعة والمتاحة، وربما كان سمة من سمات المواطنة الحقة، خصوصا في ما يتعلق بالقناعات التي تهتم وتهم الوطن والكيان الأعم، وككل القطاعات الأخرى، يقترب القطاع الرياضي من النقد قرب العين من الحاجب وأكثر، وأيا كانت لهجة النقد لا تستطيع المنظومة الرياضية أو غيرها الاستغناء أو الاستعلاء عنه وهذه حقيقة!

مشكلتنا الأساسية ليست في النقد بحد ذاته تقبله أو الاعتراض عليه، المشكلة في الخلط المغلوط أحيانا بين الفكرة الأساسية المنطلق منها النقد، والاتجاه المفروض أن يتجه إليه كأداة تقويم وإصلاح للاعوجاج أو معالجة. «الحدود الثابتة» هي أبرز ما ينبغي أن يقف عندها النقد الحر الصريح الذي يهدف للمصلحة العامة، بمعنى أني أنتقد فأنا أقف على أرضية قوية وأستند عليها بالثوابت أو المؤشرات على أقل تقدير!

لكن للأسف أن الخلط العشوائي بين «النقد» أو «النقر» على الحقائق هو السمة البارزة في معظم الحالات التي تتناول قضايا الشارع الرياضي الكبير، فأحيانا ما تأتي مغالطة الحقائق سمة للنقد وأحيانا الفهم الخاطئ لقضية من القضايا الجارية لسبب أو لآخر وبشكل معيب وناف لأساسيات النقد!!

وفي المسافة الفاصلة بين الحدين هناك حقيقة وسط ربما تكون ضائعة وينبغي الالتفات إليها بين الناقد والمنقود تلك هي حقيقة النقد الأساسية بعيدا عن فبركات الوقائع أو إشكاليات الحقائق، تلك التي ربما تغيب أو تُغيب عن الظهور والاقتناع!

من حق الإعلامي التعبير عن آرائه بشكل صحي ومسؤول ما دام أن نقده يستند على آراء صحيحة ومنطقية، كما أن مصادرة آرائه ضمن النطاق السليم نوع من الاعتداء على كرامته وآدميته وحريته الشخصية في التعبير عن آرائه الذاتية وقناعاته، والعكس بالعكس!!

كما أن من حق المسؤول تفهم وتقبل وجهة النظر النقدية بالكيفية التي يرى صوابها متى ما تغيبت عنه الحقيقة، ومن حقه الاقتناع أو التفهم على أقل تقدير، فمن يعمل يتوقع أن يحصل ولو على أقل درجة من «الإنصاف» أو «الاعتراف»، ولو بجزء، بقيمة ما يعمل ويقدم، لكن أحيانا تكون سهام النقد مشبعة بالنكران والجحود بالشكل الذي تلغي معه قيمة أي مجهود بُذل بشكل مغلوط ربما، وربما مقصود.. «الله أعلم»!

ويبقى النقد بالآخر مطلب العقول المثقفة المستنيرة، كما أنه خلاصة طبيعة الحوار الهادئ المتزن الذي نتمناه ونطلبه بكافة شؤون الحياة، فالنقد عنوان التطور بالمجتمعات المتقدمة والحضارية ورمز للحراك الديناميكي المتصاعد نحو الأفضل، ولولاه لما استطعنا معرفة النقاط السلبية وتلافيناها، والإيجابية وعززناها، غير أن بعض النقد لا يرى غير السلبيات ولا يقف سوى عند الأخطاء، ولا تجد به سوى النقائص، وهذا عيب من عيوب النقد وضعف بأدوات الناقد أيا كانت النزعة النقدية تستند إلى حقائق، لذا أرجوكم لا تظلموا النقد يا سادة، بل افهموه وتفهموه، ومن ثم انقدوا وانتقدوا يرحمكم الله.