مدينة زيمان الفاضلة التي عالجها برانديللي

لويجي جارلاندو

TT

ذهبنا لمتابعة أول مران يديره المدرب زدينيك زيمان مع فريق فناربخشة التركي. كان ذلك في مدينة اسطنبول، موسم 1999-2000، وحينها وضع المدرب التشيكي صفا من الحواجز ينبغي اجتيازها، والمشكلة كانت بالنسبة لنصف الفريق تقريبا حيث كانت تصل تلك الحواجز إلى البطن. الأتراك قصار القامة كانوا يتشبثون بها، ويسقطون، وكان المتفرجون ينفجرون في الضحكات، لكن زيمان لم يكن حتى يفكر في تخفيض الحواجز وتكييفها مع الأقدام القصيرة للاعبيه. ثلاثة أشهر بعدها وأقالوه. إنها صورة تحكي جيدا صرامة المدير الفني المخضرم، المخلص تماما لكرته الهجومية، ولأساليب لعبه، ولمفاهيمه، وإن كان لم يفز كثيرا، فالسبب هو عدم قدرته على تخفيض تلك الحواجز، والنزول للوصول لحلول وسط مع الحلم، والبحث عن طريق ثالث ما بين المدينة الفاضلة والواقع. وهكذا اليوم، في سن 64 عاما، يوجد المدرب البوهيمي في الملعب كما هو دائما، وقد سجل فريقه بسكارا أكثر من الجميع (20 هدفا) ودخل مرماه أكثر من الجميع (17 هدفا)، هذا بخلاف الأداء الممتع أمام فريق غوبيو والأبواب المفتوحة، كما هو الحال دائما.

لكن أكثر من البطولات الغائبة عنه ومن الترتيب، الشيء الأهم هو أنه في كل هذه السنوات، ما بين الإخفاق وغير ذلك، ظل زيمان الداعي إلى المدينة الفاضلة في الملعب، ويمكن رؤيته مثل أفق. إن الكرة الخاصة به شجاعة، وأكثر من إيجابية، وقد كانت على أي حال إشارة ذات أهمية ونقطة مرجعية، وباتت كذلك ثقافته في العمل والتزامه الأخلاقي في كرة قدم تواجه خطر العلاجات السهلة.

اليوم، يصل إلى مدينة بسكارا منتخب تشيزاري برانديللي، الداعي إلى المدينة الفاضلة لكن قدميه على الأرض. لقد أقنع المدير الفني للآزوري لاعبيه بالسير خلفه واتباع تعليماته في طريق يعتبره كثيرون لا يمكن سلكه بالنسبة للإيطاليين، حيث «الضغط في تقدم، ولعب الكرات الأرضية، والهجوم باستمرار، وأن نمسك نحن بالكرة، أتشعرون في ذلك بالدهشة والمتعة؟». غير أنه عمل بعد ذلك على التوازنات، وإيطاليا لديها دفاع دخل مرماه أقل كثيرا من دفاع فريق زيمان، فهو أقل منتخب اهتزت شباكه في أوروبا، فقد دخل مرماه هدفان فقط في التصفيات إلى الآن.

إن برانديللي هو من يدعو إلى المدينة الفاضلة بحس جيد، وهو كان ليخفض الحواجز في اسطنبول لو كان مكان زيمان، وكان ليكيّفها مثلما كيّف روح فريق برشلونة مع لاعبي المنتخب الإيطالي، إلا أن فريقه في بسكارا يشعر أنه في بيته فقد تطور هو ليستهدف أفق البوهيمي، حيث الكرة الشجاعة والإسعاد والإخلاص (الميثاق الأخلاقي). إنه أفق يحسن صنعا بالشباب، ففي الواقع أهدى زيمان لمنتخب الشباب تحت 21 عاما ثلاثة لاعبين من فريق بسكارا. في عام 2006، كان في ليتشي وأطلق آخر من استدعاهم برانديللي، وهو أوسفالدو. وقد ترك ستيف جوبز، الأرض للشباب وأوصاهم قائلا: «لتكونوا متعطشين ومجنونين، وحاولوا تحقيق الأحلام». زيمان وبرانديللي يعلمان لاعبيهم ذلك، بطريقتهما الخاصة.