المحترف السعودي وعقود الـ6 أصفار

موفق النويصر

TT

أرجع الخبير الكروي السعودي محمد الخراشي، مشكلة تراجع الكرة السعودية في الفترة الحالية، إلى غياب اللاعب السعودي عن خارطة الاحتراف الخارجي.

الخراشي الذي لامس الجرح على غير عادته، حمل «الاحتراف الهابط من السماء» على مجتمع رياضي غير مؤهل، بحسب وصفه، مسؤولية تراجع الكرة السعودية في سنواتها الخمس الأخيرة، بالإضافة إلى أن العقود الكبيرة التي يحصل عليها اللاعبون محليا، ساهمت في تحجيم فرصة احترافهم خارجيا.

وبحسب الخراشي لبرنامج «إرسال» الذي قدم على القناة الرياضية قبل أيام، فإن الاحتراف بالنسبة للاعب السعودي، تحول من رغبة في حجز مقعد له في الفريق الأول ومن ثم تمثيل المنتخب، إلى لهاث خلف أول «شيك» متعدد الأصفار.

ويدلل الخراشي على ذلك بحجم المعاناة التي كان يلقاها سابقا خلال فترة إشرافه الفني على المنتخبات السعودية، عند استبعاده لأي اسم عن قائمة الفريق الأساسية، ومقارنة ذلك بحال اللاعبين الحاليين، الذين يعتبرون عدم تمثيلهم للفريق الأساسي أو عدم انضمامهم للمنتخب، فرصة للاستجمام والراحة من الركض الكروي، طالما أنهم قبضوا مقدم عقودهم الاحترافية.

الأكيد أن القيمة الحقيقة للاعب السعودي في سوق الاحتراف العالمي لا تساوي أكثر من واحد على عشرة مما يتقاضاه محليا.

والأكيد أيضا أن حصول شاب في مقتبل العمر، على مبلغ مكون من 6 أصفار، وهو غير مهيأ ومحصن بالعلم والمعرفة المناسبين، ستصيبه ولا شك صدمة حضارية، خاصة إذا ما علمنا أن هناك لاعبين كانوا يستدينون قيمة وصولهم إلى النادي بسيارة أجرة قبل توقيعهم لتلك العقود.

كل ذلك جعل الكثير من اللاعبين يحجمون عن فكرة خوض تجربة احترافية خارجية، ليقينهم بأن ما سيتقاضونه من مبالغ مالية كبيرة، بعد سنوات من الجهد والعرق في الخارج، يمكنهم الحصول عليها في أشهر معدودة عبر انتقالهم لأحد الأندية الجماهيرية الكبيرة في بلادهم.

للأسف الشديد هذه الأمور، الظاهر منها والمخفي، تسببت في تراجع الكرة السعودية، مقارنة بصعود كرات دول أخرى مجاورة أو قارية، مع عدم إغفال خفوت وهج أسماء كبيرة من سماء الكرة المحلية بعد تألقها في أول ظهور لها، أو اختفاء أخرى من الخارطة الرياضية، بعد أن انحرافها عن الطريق الصحيح.

الغريب أن هذه الأسباب لم تدفع القائمين على الرياضة السعودية في سن قوانين تنتشل اللاعبين من «طوفان» الاحتراف «الأعرج»، وظلت تتعامل مع الجوانب الفنية للعبة على حساب مراجعة أنظمتها الاحترافية.

لذلك إن أردنا إصلاح منظومة الكرة السعودية فإننا بحاجة إلى مراجعة أنظمة الاحتراف والتعاقدات المحلية، مع ربط الاحتراف الداخلي بحصول اللاعب على شهادة علمية عليا، لا تقل عن جامعية، وجعلها أساسا لتوقيعهم عقودا احترافية مع أنديتهم، حيث أثبتت التجارب المحلية والعالمية أن اللاعبين ذوي المؤهلات العلمية أكثر انضباطية كروية وسلوكية داخل الملعب وخارجه عن نظرائهم الآخرين، ممن لا يحظون بتعليم عال.

فهل تشهد أنظمة الاتحاد السعودي لكرة القدم هذه التعديلات، خاصة أنها لن تستطيع أن تقف في وجه قطار الاحتراف العالمي الجامح.