إعلامنا الرياضي

أحمد صادق دياب

TT

في بداية حياتي العملية في الإعلام الرياضي تنقلت في العديد من الصحف اليومية، وتعلمت على أيدي أساتذة كبار في هذا المجال، لن أذكرهم حتى لا تسقط الذاكرة أحدهم فأشعر بكثير من الألم، لأني أحفظ لهم جميعا الكثير من المكانة والحب.. هذه المقدمة كانت لتبرير بعض مما أقوله هنا، في محاولة للإجابة عن سؤال طرحه أحد أصدقائي من الإعلاميين الرياضيين الشباب حول الفرق بين الإعلام الرياضي الحالي والجيل الذي بدأت من خلاله.

شخصيا أثق كثيرا برجال الإعلام، وأجزم بأن هذه المهنة التي لا تقدم الكثير من الدخل المادي، الذي يمكن أن تقدمه مهن أخرى، ولا يدفع منسوبي هذا الوسط هاجس للتعلق به، غير العشق للإعلام بالدرجة الأولى وللرياضة بشكل عام. والشباب العامل اليوم في هذا المجال، من وجهة نظر شخصية، يحمل من الأدوات ما لم يحمله الجيل الماضي، فلديه الآن شبكة متكاملة من الاتصالات تساعده على الوصول إلى أبعاد مختلفة جدا من القضايا الرياضية، كما أن معظمهم مؤهل علميا وبشكل ذكي.. وعلى عكس الجيل السابق، كان أغلبهم ممن يحبون المهنة بشكل فطري، لكنهم لم يكونوا ينظرون إلى الرياضة كمهنة أساسية،

ولم يكن لديهم التحصيل العلمي الذي يمكن أن يساعدهم على ترتيب الأولويات في الطرح، فاعتمدوا على الوصف البسيط للأحداث دون النقد المباشر.. والنقطة الأخيرة هي التي يمكن أن تشكل حجر الزاوية في الفرق، فالمساحة الكبيرة من الحرية التي وجدها الإعلام الرياضي الحديث لم تتوافر للجيل الماضي ولم يبحث عنها أصلا، لأنه لم يكن مبنيا على أسس تنظر إلى النقد على أنه أداة تواصل مهمة جدا في الإعلام، واكتفى بأن يكون ناقلا وليس محركا للأحداث كما هو الحال حاليا.

عندما أنظر اليوم إلى الإعلام الرياضي السعودي أعرف أنني أقف على أعتاب مرحلة رائعة من الوعي لدى الشباب السعودي بأهمية الإعلام الرياضي وقيمته، ومدى تأثيره على تطور الحركة الرياضية، فالإعلام الحديث الذي يعيه هؤلاء الشباب قادر على أن يكون المحرك الأساس في توجهات الحركة الرياضية، لأنه ينبع من مصدر مدفوع بالرغبة في التفوق والنجاح.

هناك عدد كبير من هؤلاء الشباب تعاملت معهم خلال حياتي العملية في الإعلام الرياضي، وأستطيع أن أجزم بأنهم تفوقوا على أنفسهم وعلى بداياتهم، وأفخر بأنني عملت معهم، وأعرف توجهاتهم النقية، لعل منهم من ترك المجال، ولكن من بقى الآن منهم يقودون مسيرة رائعة وجميلة..

قد نختلف مع بعضنا البعض في نظرتنا للأمور وقد نتفق، ولكن الحقيقة هي أنني أعرف أن معدنهم نفيس وأهدافهم لا تعدوا البحث عن الفضل للرياضة السعودية، ولكن الزين لا يكمل فلو تمكن هذا الجيل من التخلص من ميراثه من بعض الجيل السابق المتمثل في التعصب الممقوت للأندية، لكان الإعلام الرياضي لدينا الآن في مستوى مثالي من التفوق.