«أمير البسمة والبصمة»

صالح بن علي الحمادي

TT

مرات نادرة «جدا» التي تحتبس فيها الكلمات كالعبرات المخنوقة والدمعات المحروقة، عند محاولة كتابة حروف وكلمات رثاء في عزيز مات.. فضلا عن أن هذا «أمير البسمة البصمة» الخاصة به.. سلطان بن عبد العزيز «رحمة الله عليه ووالديه».

كنت في مجلس أمير كبير ونحن نتابع الأخبار الرئيسية التي تنقل وداع الأمير سلطان في مطار الرياض قبيل مغادرته إلى نيويورك في رحلة علاجه الأخيرة.. وعندما شاهدت الابتسامة التي هدها المرض حزنت أيما حزن وما لبثت أن أطلقت سراح الدموع حينما عانق الأمير تركي بن عبد العزيز «متعه الله بالصحة» أخاه سلطان المبتسم ابتسامة لا مثيل لها.. ورددت بيني وبين نفسي: حفظك الله يا أبا خالد، وأعادك لنا سالما معافى مشفي.. ولكن الموت حق.. ولكل أجل كتاب!

أمير الكرم والجود.. الرجل السخي المعطاء كان بلسما وشفاء «بعد الله» للكثير من المرضى الذين تكفل بعلاجهم في الخارج.

أيتام وأرامل كثر سيفقدون وقفاته الإنسانية الحانية التي كان يقدمها بكل فرح وسرور يفوق سرور هؤلاء المعانين، الذين نتمنى ألا يعانوا أكثر بعد رحيل سلطان!

رحمك الله يا أبا خالد وأسكنك فسيح جناته.. يا من ملأ الدنيا حضورا متواضعا بشوشا ظاهره وباطنه العطف والحنان.

وصادق المواساة وخالص العزاء نقدمه للوالد القائد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز «متعه الله بالصحة والعافية».. وللنائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية.. وللأمير «الوفي» سلمان بن عبد العزيز الذي سطر أنصع صور الوفاء بملازمته للراحل الكبير سلطان طوال مراحل علاجه الطويلة في الداخل والخارج وبطريقة نادرة لم نعرف لها مثيلا.

كما أن العزاء موصول لجميع إخوان الفقيد من أبناء الملك عبد العزيز وجميع أبنائه من الأمير خالد بن سلطان حتى أصغر أبناء الأسرة المالكة الكريمة.

وبالتأكيد التعازي تقدم لجميع أبناء المملكة العربية السعودية.. ألم يبادر الأمير سلطان بن سلمان إلى تقديم العزاء لزملائه في هيئة السياحة السعودية عندما علم أنهم يرغبون في تعزيته؟!.. صدق عندما قال: أنتم مثلنا تعزون في الأمير سلطان.

بقي القول إن رجلا بقيمة وقامة سلطان بن عبد العزيز.. الذي أرث سبعة وثلاثين من الأبناء والبنات.. لا شك ستبقى سيرته العطرة ماكثة بيننا لا سيما في أعمال الإنسانية والخير تجاه المرضى والمساكين والفقراء.

الكلمة الوصية

قبل الختام أسأل الله أن يجعل ما قاله الأمير سلطان عندما كان في المستشفى مخاطبا من زاروه في موازين أعماله، فقد كانت كلمته كوصية لأخيه الإنسان وابنه المواطن.. فماذا قال؟

>> «إن فترة قضاء الأيام بالمستشفى لحظات امتحان أمام الخالق البارئ عز وجل، كما أنها كانت في الوقت نفسه لحظات تأمل وتفكر وتدبر، فنحمد الله أن خصنا بالإسلام، وجعلنا أسرة واحدة، حاكما ومحكوما، يرحم كبيرنا صغيرنا، ويوقر صغيرنا كبيرنا».

>> «أحمد الله حمدا كثيرا، وأشكره على آلائه ونعمه الجزيلة، أحمد الله أن ابتلاني ليختبرني، أحمد الله على أن أصابني بعارض لأتذكر إخوتي ممن هم على فراش المرض».

رحمك الله أيها الأمير المؤمن الإنسان وأسكنك فسيح جناته.

[email protected]