وداعا.. سلطان الإنسانية

هيا الغامدي

TT

لكل شيء نهاية.. ولكل أجل كتاب! جملة تختصر كل الكلمات في داخلي وتترجمها!

فمن فقدناه هو الأب والوالد والقائد والعزيز الذي تنتحب من أجله القلوب وتعتصر من الألم والأسى والحزن.. إنه سلطان بن عبد العزيز!

رحل سلطان..!

رحل الإنسان ووجع الرحيل يعصف بالمكان وكل الأشجان تنتحب بغيابه وتنتحر!

أحيانا فاجعة الألم تلجمنا لتفرض الصمت عنوانا، وتنزف الحسرة على كل شبر وأرض ودار، وقبلها كل عين وقلب وعقل سكنه سلطان.. الباسم الضاحك!

سلطان الذي كان للملك ساعدا.. وللوطن أذرعة أمان!

فيا سبحان الرحمن، من طوى عمر إنسان أفنى حياته للمساكين راحما، ولليتامى والدا، وللأرامل مأوى ومآلا... رباه!

رباه كيف يطوي الموت حيا باقيا فينا لم يمت ولن يموت لطالما بقيت مآثره ومناقبه ما بقيت!

الحياة تابوت مفتوح، الحي فيها ميت يتنفس، والميت حي لا يتنفس، وسلطان الحي الذي لم يمت ولن يموت، وسيبقى في خلد الأعمال الخيرية والإنسانية باقيا (رحمه الله).

وقد صدق سيدي الأمير سلمان بن عبد العزيز حينما قال إنه: «جمعية خيرية تسير على قدمين»، أو قال: «هو مؤسسة خيرية قائمة بحد ذاتها». نعم، فالراحل كان للخير عنوانا وللإنسانية ترجمانا! أليس هو من قال: «كل ما أملكه في المملكة من مبان وأراض وكل شيء عدا سكني الخاص هو ملك لمؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية»؟ فتلك الكلمات لخصت مقدار الارتباط الأبدي الوثيق بين الأمير الراحل والعمل الخيري الذي عرف به!

وهو نفسه الذي قال عنه شقيقه الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز: «سلطان يقدر على نفسه ويسخرها حيث يريد ويعين الناس على نفسه»... سبحان الله من منا يعين حتى نفسه عليه ليعين الغير على نفسه؟!

رحل سلطان الكرم والمكارم وأبقى لقلوبنا الحسرة ونوح الحمائم!

غاب سلطان ومعه غاب الابتسام الدائم للنفس المؤمنة المطمئنة الصابرة الشاكرة الحامدة على عظيم المصائب، يا لعظيم أجرك يا سلطان، ويا لمنتهى الثواب ومنتهى الإيمان الرضا بالقضاء والقدر الذي غلف جغرافيا محياك، يا صاحب الأيادي البيضاء بيض الله صحيفة أعمالك بوافر الأجر والثواب.

وإنا لندرك أننا بفقدك ستفقد الملايين من اليتامى والعاجزين والأرامل اليد الحانية، والقلب الرحيم والأب العطوف ممن عرفك أميرا فارسا وسياسيا محنكا وإنسانا للخير راسما ألف خطة ومليون خريطة وباب.

رحلت سيدي، وليس لنا من بعد رحيلك غير التسليم بالقضاء النافذ، قدر سيدي سلطان رحماك يا مالك الإنسان وزمام الأكوان، فكل من عليها فان.. فان!

اللهم ارحم واغفر لعبدك الضعيف سلطان.. اللهم تقبله القبول الحسن.. وأسكنه برحمتك فسيح الجنان، اللهم ألهم مليكنا ووالدنا وقائدنا عبد الله الصبر والسلوان لغياب ساعده وعضده سلطان، اللهم عوض الأمتين العربية والإسلامية الخير بفقدانه، فالمصاب جلل، وسلطان سيبقى بقلوبنا وإن رحل جسده، ستبقى مآثره وأعماله الإنسانية الشاهد الحي في حنايا الروح.

فقيد الأمة رحمك الله رحمة كبيرة يشفي بها غل قلوبنا الحزينة على فراقك.