تضرب مجددا

عبد الرزاق أبو داود

TT

ها هي أزمة الديون السيادية الأوروبية تظهر آثارها تدريجيا في بلاد مختلفة إضافة إلى الأزمة الاقتصادية الأميركية، وكما جاء في وسائل الإعلام فإن بعض الأندية الأوروبية لا تستبعد اتخاذ إجراءات احتياطية جراء الأزمة، وأنظار المراقبين الرياضيين المختصين مركزة على أغنى أندية العالم ناهيك عن الأقل شأنا؟ وكيف سيكون تأثير الأمر عليها؟ وتضيف وسائل إعلام أوروبية أن القائمين على إدارة الأندية الرياضية العملاقة يجب أن يكونوا على قدر كاف من الحذر لأن الأزمة المالية يمكن أن تطال أنشطة كرة القدم، كما أن «الوضع المالي» الأوروبي قد يلحق الضرر باستثمارات فرق كرة القدم! بعض الخبراء الأوروبيين نصحوا بإجراءات تقوم بها الأندية الرياضية بصفة عاجلة، كخفض أسعار تذاكر المباريات بنسبة 50%، جراء العزوف الجماهيري، وأهمية خفض النفقات والعقود التي تثقل كاهلها. الأزمة المالية دخلت مرحلة مهمة، وسيكون لها ضحاياها في مختلف القطاعات وفي بلدان عديدة، وقد لا تكون أنديتنا بمنأى عنها.

تبدو الأزمة وكأنها تحكم طوقها على تحركات وعمل كثير من القطاعات وخاصة الرياضية منها، وقد لا تتمكن إنجلترا مثلا من تحقيق أرباح تذكر من تنظيمها واستضافتها لدورة الألعاب الأولمبية 2012م. محليا يمكن للأزمة أن تطيح بأحلام المتطلعين إلى ملايين الريالات من لاعبين ومدربين وغيرهم، بل وقد تطال عقود الشركات الداعمة. أنديتنا مطالبة بمراجعة سريعة لسياساتها المالية، فالخطر داهم. الأزمة وكما يبدو في طريقها إلى تبديد أحلام «وردية» في بعض أنديتنا! لتبين أن واقعها المالي مجرد عناوين! حيث إنه واقع لا يستند إلى أساس اقتصادي وواقعي، فمعظم أنديتنا التي وقعت عقودا «استثمارية» صرف بالفعل ثلاثة أرباع، وربما كامل مستحقات العام الحالي.

يشير بعضهم إلى أن الأندية الإنجليزية المحترفة مرتبطة بمؤسسات مالية قوية ولن تتأثر كثيرا بالأزمة المالية، وهو استنتاج قد لا يكون دقيقا، فالحكومة هناك ضخت مليارات الجنيهات لدعم القطاعات المالية، وقامت بتطبيق أنظمة مالية صارمة، فماذا ستفعل أنديتنا في وضع مشابه؟ وما هي المؤسسات المالية التي ستدعمها لتواصل أنشطتها لو طالتها الأزمة؟ أم أننا سنعود إلى «سيستم» التبرعات المشبع بالتدخلات؟ هناك إجراءات يتوجب على أنديتنا اتخاذها حالا، كخفض النفقات، وإعادة النظر في قيم عقود اللاعبين والمدربين والمساعدين والموظفين وخفض أعدادهم، واتخاذ إجراءات صارمة للحد من الهدر المالي ومن الأنشطة غير المجدية.

الجهات الداعمة لأندينا هي ذاتها قد تكون مضطرة إلى إعادة النظر في عقودها الاستثمارية، كغيرها من الشركات التي هي عرضة للتأثر بالأزمة، وقد تتجه إلى اتخاذ خطوات وقائية.. بعضها في المجال الرياضي. الأزمة حقيقة عكس ما يتصور من عاشوا أحلاما وردية سرعان ما أكلت الأخضر واليابس إبان «هوجة» الأسهم المثيرة طيبة الذكر التي ألحقت الأذى بالكثيرين، ولن تكون أنديتنا الرياضية بمنأى عن هكذا أزمة، وعليها التحرك فورا لوضع خطط لمواجهة صعوبات الفترة القادمة.