هل يخطف الوحدة ريادة كانت متوقعة من الشباب؟

محمود تراوري

TT

قبل أكثر من ثلاث سنوات، أثار نادي الوحدة الرأي العام باعتماده الرقم واحد في شعار فريق كرة القدم، في تصرف كان يستند إلى قناعتهم بريادة ناديهم، وأولويته في التاريخ الرياضي السعودي. وهذا مبحث بحت الأصوات وهي تنادي مطالبة بحتمية وضرورة حسمه رسميا، وتخليصه من الاجتهادات الفردية التي أفضت إلى ضبابية في استقرار المعلومة التاريخية المتعلقة بنشأة الكرة السعودية وتأسيس أنديتها.

وبغض الطرف عن صدقية زعم الوحدة من عدمها، فيما يتعلق بالتأسيس، يبقى مستقرا في التاريخ ريادة مكة المكرمة كواحدة من أقدم مدن العالم، وكونها حاضرة اعتنقت الحياة المدنية منذ آلاف السنين، لذا لن يكون مستغربا أن يتولى الملياردير صالح كامل شؤون الوحدة أخيرا، بينما يرى كثير من المراقبين أن الأمر يمكن اعتباره - بالضرورة - خطوة أولى في درب خصخصة الأندية الرياضية الوعر، وهو المطلب الدولي لمنظومة العولمة.

بالأمس، كان حديث كامل للزميلة «الرياضية» لافتا ومهما، ولعلي لا أغالي إن اعتبرته أهم حديث رياضي هذا الموسم، ذلك أنه شدد على أن الرياضة اليوم لم تعد ترفيها وتسلية بقدر ما هي صناعة، يتم خلالها تدوير المليارات.

وكان لافتا أن يقول كامل، الذي عرف منذ نحو عقدين بكونه من أبرز رجال المال الذين خاضوا في الاستثمار الرياضي، وفي توقيت ما زالت فيه الذهنية التقليدية هي المسيطرة على الشارع الرياضي، ولولا تلك الذهنية لما كان لشبكة «الجزيرة الرياضية» هذا الحضور الذي كان لكامل الأسبقية فيه، وخاتله عاملان رئيسان في تقديري، الأول قلت به، والآخر هو التردي المهني المتأتي من هيمنة عنصر المجاملات وعدم وضوح رؤية العمل حينذاك، وهو المأزق الذي تجاوزته «الجزيرة» باقتدار، ففرضت هيمنتها احترافيا. أعود للقول إنه كان لافتا أن يقول كامل إن خصخصة الأندية تحتاج قرارا سياسيا، حتى وإن لم يخض في التفاصيل، فهو محق تماما، إذ لا بد من أنظمة وتشريعات وقوانين واضحة وعصرية، عادلة ومرنة، تحمي الواجبات وتحفظ الحقوق، وتجنب الرياضة السعودية تخبط ما يسمى بـ«اللوائح» الذي ظلت تعيشه على مدى أكثر من عقد، مما أفضى إلى إشكاليات جمة، كان ثمنها باهظا، وهو التراجع المريع للمنتج الرياضي على كل الصعد، ودخولنا في نفق لا تميزه سوى الاحتقانات والترهات والغوغائيات وما إلى ذلك.

عودا على بدء، يمكن أن ننتظر ما سيقدمه كامل بفريقه الإداري الذي يقوده المخضرم علي داود في الوحدة، إذ يمكن لهذا النادي العتيد أن يسجل مجددا ريادته ليكون «رقم واحد» في مسيرة خصخصة الأندية السعودية، تلك المسيرة التي ظل بعض مراقبين في السنوات القليلة الماضية منذ انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية، يتوقعون، بناء على حيثيات كثيرة، أن تكون انطلاقتها من نادي الشباب!