ما بين هزازي ونور

مصطفى الآغا

TT

كرة القدم هي شاغلة الدنيا، لهذا يكون نجمها وأقطابها تحت مجاهر الإعلام والجماهير؛ شئنا أم أبينا، وشاءوا هم أم أبوا.. لهذا، فما حدث في مباراة الاتحاد السعودي الأخيرة أمام جيونبوك الكوري الجنوبي وطرد نايف هزازي (المحجوب تلفزيونيا إلى حين) وواقعة الوجوه المتجهمة والتدافع (التلفزيوني) بين هزازي من جهة وقائد فريقه ومنتخب بلاده محمد نور وسعود كريري من جهة أخرى، إضافة للخسارة والخروج.. شكلت جميعا حالة استنفار للمتابعين وللصحافة والمواقع الإلكترونية (التي باتت تنافس الصحافة على استقطاب الجماهير)، ومن يريد التأكد من كلامي فليتابع عناوين الصحف الصادرة صبيحة اليوم التالي للمباراة، وقبلها ما حفلت به المنتديات والمواقع، حتى وصلت حد تحميل هزازي وزر كل ما حدث، إضافة لمدربه الذي اتفق الجميع سابقا على تسميته بـ«الداهية ديمتري»، ثم تحول بين عشية وضحاها إلى رجل لا يعرف كوعه من بوعه.

الواقعة، كما شاهدناها عبر التقنيات الكورية الجنوبية، التي فاجأتنا (بتخلفها في النقل التلفزيوني ساعة حدوثها)، جعلتنا نصب جام غضبنا على هزازي، ولكن لكل حقيقة وجهان (باستثناء الحقائق العلمية والأخلاقية المطلقة)، لهذا آثرت أن آتي بطرفي النزاع وجها لوجه على الهواء كي نعرف ما الذي حدث، وكي نصلح بينهما لو كان هناك فعلا خلاف.

الذي حدث أن الاثنين، ومن دون أي تنسيق مسبق بينهما، ومن دون أن يعلم أحدهما أن الثاني سيكون شريكه في البرنامج، قالا على الهواء وتحت الهواء ما ينفي حدوث أي مشكلة بينهما من أي نوع، وفي نفس الوقت كان البعض الكثير من الإعلاميين يتحدث عن صراعات ومشكلات (سمع بها نقلا على فلان وعلان)، ولكن أحدا لم يخرج على الشاشات ليقول إنه حضر مثل هذه المناوشات.

ولأنني أرى أن الإعلام له دور تربوي وتثقيفي وأخلاقي، لهذا أبحث عن الحقائق على ألسنة أصحابها، ولا أجعل من النقاش ساحة وغى حتى «أجذب أكبر عدد من المشاهدين»، بل أحاول أن يكون الود هو العنصر المهيمن حتى لو كان الحوار خلافيا، ويجب أن نختلف حتى نصل إلى قواسم مشتركة من خلال الحوار والنقاش.

ومع كل هذا، وجدت من قال إن المواجهة والتكذيب من النجمين «تمثيلية محبوكة من قبل إدارة الاتحاد»، وإن الاثنين لا يقولان الحقيقة، أي أن أحدا لا يريد تصديقهما، وهو بصراحة ما أثار استغرابي، لأني إن أحببت شخصا أو أردت أن أحل مشكلة، أبحث عن الإيجابي، وليس السلبي، ولا أبحث عن التصعيد بقدر ما أبحث عن التهدئة، ولا أعرف إن كان المطلوب أن يتشابك الاثنان فعلا كي يشعر البعض أن ما روج له كان فعلا حقيقة وليس خيالا.

الأكيد أن انفعالات اللاعبين واردة، والأكيد أن ظروف كل مباراة تنعكس سلبا أو إيجابا على أطرافها، ولكن الأكيد أن النجمين هما قيمة ليس لناديهما، بل لبلدهما، ومن مصلحة الجميع أن تُوأد الأخطاء والمشكلات قبل أن تتحول لكرة ثلج لن تجد من يوقفها؛ فما بالكم إن لم يكن في الأساس هناك أي مشكلة بين الطرفين؟!