رياضة بلا وعي!

عبد الرزاق أبو داود

TT

الوعي هو الإدراك، والوعي الرياضي هو الاطلاع الدقيق والإحاطة بشؤون الرياضة وأنظمتها وخصوصياتها وتاريخها وأحداثها بصفة عامة. الوعي الرياضي مفهوم يسعى إليه البعض عن تصميم، ويستخدمه آخرون «شعارا» للتباهي والدعاية والادعاء. هو مجال يتسع لكثير من المعاني الخيرة المفيدة. هو شعور بالهوية ويشمل فيما يشمل المواقف والمفاهيم والخصائص المختلفة للرياضة.

هل يحتاج مجتمعنا الرياضي إلى الوعي؟ استُخدم الكثير من المداد، والورق، ودبجت العديد من «الكتابات»، وأُفرزت صور شتى من الادعاءات عن الوعي الرياضي. كثير من الخيرين نادوا به، ويثمنون سلوك دروبه، واستخدمه آخرون كناية عن العقلانية والاتزان، غير أنك تلمح في ثنايا ما يتردد كثيرا من الثغرات والمفارقات! التي تدل على تدني الوعي لدى الذين يعتقدون أنهم يدَّعُونه، الوعي الرياضي غاية نبيلة، ووسيلة مطلوبة، يتوجب تكريسها كمتغير فعل وتثقيف. الحركة الرياضية تتطلب وجوده.. تدني مستوياته واضح في الممارسات والأفعال والأقوال، والحاجة إليه عميقة واسعة باتساع الساحة الرياضية، ورحبة متعددة الأوجه.. بتعدد مفردتها ومفاصلها وأحداثها ورجالها وأنشطتها.

لماذا المطالبة بالوعي الرياضي؟ هل لأن انعدامه وانخفاض مستوياته تسبب في كثير من مشاكلنا الرياضية؟ ربما، الوعي الرياضي هو الوسيلة الأكثر فعالية في محاربة التعصب الرياضي، وتتبع آثاره ومحاصرة دوافعه والقضاء عليها. الوعي الرياضي ليس أداة موقوفة على البعض دون البعض الآخر، فهو متاح لمن أراد الاستزادة والتزود. الوعي الرياضي: تعمق في فهم وتدبر مفهوم الرياضة وأهدافها كوسيلة تربوية اجتماعية ناجعة، وسيلة استخدمتها الأمم والشعوب لتطوير وتهذيب القدرات والقيم البشرية بدنيا وعقليا وسلوكيا.

رياضة بدون وعي كحياة بلا ماء، وأرض بلا شمس، الوعي هو العماد الأكبر، والناموس الأعلى قدرا في تبصير الرياضيين، وإضاءة سبل المنافسات الرياضية الشريفة أمامهم. تطوير الوعي الرياضي يتطلب الاهتمام بالتنوير والتثقيف الرياضي من خلال منافذ وأدوات إعلامية وعلمية وتنظيمية مختلفة، ونشر المعرفة والثقافة الموضوعية الممنهجة بلا مغالاة، سلوك طرق الوعي الرياضي يتطلب مساواة في التعامل، تعامل منطقي يشمل الجميع في المعترك الرياضي، ويضمن الانسجام والتنوع في حده الأدنى، ويتسع ليسمح بوجود كافة التوجهات في إطار رياضي وطني يقدم مصلحة الوطن على ما عداها، ويضمن حقوق المواطنين الرياضية، ويؤكد الحق في الممارسة الرياضية الشريفة بلا ضغوط أو تعسف، إطار وطني رياضي ينبذ التوجهات الفردية، ولا يقوم على الإقصاء، وينبذ «المسميات» والنعوت «الهابطة» ويزدري «التوصيف»، ويشجب «النمطية» ويرفض الأحكام المسبقة، من خلال تناغم يسهل ويدعم تلاقي كافة التيارات في إطار مصلحة الوطن والمواطن.

لننطلق نحو تفعيل حركة وعي رياضي وطني تُشدد على الحوار، وتُرغب في التلاقي والإنصات، حركة تُزيح عن كاهلها هبات ومفردات التعصب، وتُحرر ذاتها من هجمات التمييز والانتمائية الضيقة، وتُبعدنا عن مسالك الإقصاء، وتجلو عنا تبعات «الذاتية» التي استمرأها «بعضنا» راضيا سعيدا!