الأفضل لا يفوز دائما..السد القطري نموذجا

موفق النويصر

TT

في عالم كرة القدم لا يوجد شيء اسمه مستحيل، والعجائب كلها يمكن أن تتحقق مع هذه «المجنونة»، فلا قواعد ثابتة يمكن الركون لها، ولا ضوابط محددة قادرة على جلب الفوز لفريق أو انتزاع الزعامة منه.

ولعل فوز السد القطري قبل أيام قليلة ببطولة دوري أبطال آسيا خير مثال على ذلك. فالفريق القطري بجميع المقاييس الفنية والمهارية واللياقية ليس بأفضل فرق قارة آسيا، ولا حتى أفضل من فريق تشونبوك هيونداي الكوري الذي انتزع البطولة منه.

تؤكد ذلك نتائج الفريقين في هذه المسابقة؛ حيث لعب كل منهما قبل المباراة النهائية 11 مباراة، حصد منها السد 19 نقطة، بينما حقق تشونبوك 27، وسجل الأول 15 هدفا، بينما سجل الكوري 31.

ومن شاهد المباراة النهائية وهو على الحياد، بالكاد أصيب بصدمة وهو يشاهد الفريق الأفضل طوال أشواط المباراة الأربعة، وكان قريبا من تحقيق الفوز حتى الثانية الأخيرة، يخسر البطولة، ويفوز بها الفريق الذي نجح في النجاة من هزيمة قاسية.

ما حصل مع تشونبوك شاهدنا مثله كثيرا في بطولات العالم المختلفة، ولعل الذاكرة تستحضر مباراة بوليفيا والأرجنتين عام 2009، عندما تمكن الفريق البوليفي من سحق منتخب التانغو المرصع بالنجوم بنتيجة 6 - 1، وكذلك فوز اليونان المتواضع فنيا ببطولة أمم أوروبا 2006، بعد تغلبه على البرتغال بنتيجة 1 - 0 في المباراة النهائية، وكذلك فوز المنتخب المصري في بطولة القارات 2009 على بطل العالم المنتخب الإيطالي 1 - 0.

الأكيد أن معضلة الأندية السعودية مع بطولة بحجم دوري أبطال آسيا تتمحور حول عدة أسباب، أهمها توقيت إقامتها؛ حيث تقام المسابقة على مرحلتين، الأولى تبدأ بنهاية الموسم الرياضي، والثانية مع بداية الموسم اللاحق، بخلاف ما هو حاصل في دول شرق القارة؛ حيث تقام البطولة وتنتهي في موسم واحد.

يؤكد ذلك تحقيق فريق تشونبوك الكوري بطولة الدوري في بلاده قبل أيام من لقائه الاتحاد في مباراة الإياب بجدة، في الوقت الذي كانت بطولة الدوري السعودي في أسبوعها الخامس.

أضف إلى ذلك أن اللاعبين الأجانب لدى أندية الشرق الآسيوي قادرون على إحداث الفارق مع أنديتهم، عطفا على الكفاءة والمهارة اللتين يتمتعون بهما، بخلاف ما هو موجود لدى أندية غرب آسيا.

يساعدهم في ذلك (أي أندية شرق آسيا) تمتعهم بملاءة مالية كبيرة، تمكنهم من جلب أفضل الأسماء العالمية من مدربين ولاعبين لصفوفهم، بينما لا تزال دول غرب آسيا تتلمس طريقها في توفير مواردها المالية، وكيفية تسديد رواتب لاعبيها ومدربيها الشهرية بانتظام.

وإن نجحت هذه الدول (أي غرب آسيا) في جلب أسماء عالمية لأنديتها، فهي بالتأكيد إما في نهاية مشوارها الكروي، وترغب في زيادة رصيدها البنكي بالمال الخليجي، وإما أن الأسماء الجيدة لا تستطيع أن تتأقلم مع «الأجواء» الاجتماعية والمناخية المحيطة بها، نتيجة تداخل الرياضة بأمور أخرى لا علاقة لها بالرياضة.

وهذا بالتأكيد يقودني إلى استنتاج وحيد، هو أن الفرصة الوحيدة لفوز دول غرب آسيا بالبطولات مرهونة بمعاندة الكرة للشرق الآسيوي في الولوج إلى المرمى، كما حصل مع تشونبوك الكوري في مباراته مع السد القطري، وبالتالي تتحقق قاعدة «الأفضل لا يفوز دائما».