تاريخ كرة القدم

أحمد صادق دياب

TT

كثيرا ما نسمع عن كرة القدم أنها مجرد لعبة لا تعني شيئا على الإطلاق، ولماذا نضيع وقتنا وأعصابنا على نتائجها وما يمكن أن ينتج عنها، والبعض يقول عنها إنها لا تعدو كونها محرقة للاقتصاد والأعصاب، لكن هل يعلم هؤلاء أننا نتحدث عن لعبة يبلغ عمرها أكثر من 4000 سنة. ربما ليست بالشكل المنظم الذي نراه ونعيشه الآن، لكن الأشياء الدائرية أو اللولبية كانت مكانا مفضلا لاسترخاء الإنسان، وتمتعه، بعد أن أثبتت الحفريات التاريخية وجود هذه الأجسام في الكثير من دول العالم القديمة.

ولعل اللعبة الصينية كوجو هي الأقدم في أشكال كرة القدم القديمة التي أكدتها الأبحاث الأثرية ومارسها الصينيون قبل 3000 سنة. لكن كان للإنجليز في العصر الحديث الريادة في بلورتها، على الرغم من أنها بدأت هناك على شكل كرة قدم للمجموعات المتجانسة عرقيا أو عقائديا أو حسب المكان، كأن تلعب الكرة مجموعتان من القرية نفسها وبأعداد كبيرة مقسمة على حسب أماكن سكنها وموقعها في القرية، ودون أي قوانين متفق عليها، فالمهم أن تصل بالكرة إلى الجهة التي تخص المنافس، وتقام في المناسبات العامة فقط.

وتحولت كرة القدم من مجرد لعبة مناسبات يلعب فيها أفراد متناقضون في الأفكار أو أماكن السكن، إلى اللعبة التي أسرت قلوب الناس في كل العالم وأصبحت أكثر الألعاب من الناحية الاستثمارية على مستوى العالم.

وبدأت كرة القدم الحديثة تتبلور إلى شكلها الحالي عام 1860م عندما دخلت إلى الجامعات والمدارس العامة الإنجليزية، وتنظم شكلها من خلال تشكيل حدود الملعب، وتحديد اللاعبين بـ11 لاعبا فقط، ومنع لمس الكرة باليد، وفي العام نفسه تم تنظيم ما سمي فيما بعد «اتحاد كرة القدم». وساعد على انتشار اللعبة التوجه الجديد لدى المسؤولين عن التعليم باستخدام اللعبة لتعميق الاحترام، والعمل الجماعي، واللعب النظيف، والشجاعة لدى طلبة المدارس.

وفي عام 1872م تم تقديم أعمدة المرمى إلى الملاعب التي حتى ذلك الوقت كانت تعتمد على التخطيط الأرضي لتحديد مكانها. وفي عام 1882 تم وضع «العارضة» على ارتفاع 240 سم، بعد أن تم احتساب هدف على ارتفاع أكثر من 10 أمتار وخُلق نوع جديد من الارتباك والاعتراض في التقدير لدى الحكام.

وفي عام 1891م تم اختراع الشبكة المحيطة بالمرمى من قبل جون ألكسندر بروديل، ووُضع تخطيط جديد للمناطق في ملعب كرة القدم، وفي عام 1902م تم إطلاق كلمة «ديربي» على اللقاءات التي تجمع المنافسين من المدينة أو المنطقة نفسها بعد مباراة كبيرة في مدينة «ديربي» الإنجليزية بين فريقين من جانبين مختلفين في العقائد المسيحية، ومنها انطلقت هذه الكلمة لتعبر عن اللقاءات التي تجمع بين أي فريقين محليين ينتميان إلى منطقة موحدة جغرافيا أو سياسيا..

ومنذ ذلك العام تغيرت الكثير من قوانين اللعبة، لكنها احتفظت بمكانتها كأكثر الألعاب شعبية على مستوى العالم كله.