ريكارد و«الخوف»!

TT

يركز عشاق كرة القدم السعودية على استعدادات المنتخب ومتابعة خطواته، ومبارياته في التصفيات، وأدائه فيها، ومستويات اللاعبين، وتوالي تغيرات التشكيلة من مباراة إلى أخرى. كرة القدم متعة، وفن وتدريبات، ومباريات، وتحضيرات وإثارة. لنبحر رويدا في مسألة إعداد منتخبنا الوطني للمواجهتين الكرويتين أمام تايلاند (أمس) وعمان (الثلاثاء المقبل) بالرياض. أمامنا منتخب سعودي سيواجه مهمة رياضية مفصلية. وأهم ما يواجه منتخبنا يتمثل في «الخوف» والروح والأداء. قد يكون هذا غريبا، ولكنها «الحقيقة» التي يعلمها اللاعبون وإن بصورة ضبابية أحيانا، فيتداخل الخوف بالقتالية وما ينتج عنهما من الإرباك، وضعف الأداء، وانعدام الجماعية. التجارب تشير إلى جدلية تصور أي مواجهة لمنتخب وطني على أنها قضية حياة أو موت، وكأنها شبح يتربص باللاعبين، فيعيشون الخوف كل يوم! إنه «الوهم» وهي كرة قدم فحسب، واستعداد منظم يلعب فيه العامل النفسي أشد الأدوار.

الأهم من كل ما سبق في مسيرة استعداد منتخبنا، هو التواصل مع اللاعبين بطرق مباشرة، فيجري الحديث صراحة عن عاملي «الخوف» والروح القتالية، وكيفية استخدام الطرق الملائمة لتفعيل الروح القتالية للقضاء على عوامل الخوف التي قد يشعر بها بعض اللاعبين. الخوف «مسألة طبيعية» تنم عن كثير من الأشياء، ومن ضمنها الاهتمام والحذر من شيء نتوقعه ولا نعرفه تماما، وهذا هو ما يجب التركيز عليه، لتحويله إلى روح قتالية لدى اللاعبين تحميهم من الوهم والتقريع والمسائلة؟ فالخوف يجسد حرصا على حماية النفس والابتعاد بها عن الخطر، والخطر هنا هو عدم الظهور بالمظهر الذي يليق بسمعة ومكانة بلادنا الرياضية.

وهكذا فبين مشاعر الخوف والدفع بعوامل الروح القتالية تكمن الفوارق الرئيسة بين الفرق الرياضية، بغض النظر عن الفوارق الفنية والخبرات والإمكانات وغيرها، فيتحول الأمر إلى صراع فكري في أذهان اللاعبين في كيفية مواجهة الموقف إقداما أم هروبا. التخلص من «الخوف» أهم ما يواجهه «ريكارد» وإدارة المنتخب، ومن ثم مواجهة الحقيقة بالحقيقة، وإزالة الفهم الخاطئ من أذهان اللاعبين أمر مهم جدا، فكرة القدم السعودية تطورت بحيث أصبحت قادرة على المواجهة بلا وجل أو تخبط، وطبيعي أن يكون لدينا «مخاوفنا» المعقولة، والفرق الأخرى كذلك، والروح القتالية هنا هي الفيصل.

الذكاء؛ والاستعداد؛ والثقة؛ تتولد عنها روح قتالية قادرة على القضاء على أنماط الخوف في كرة القدم. «الخوف» يتجول في عقل اللاعب متى ما كان اللاعب بعيدا عن اكتشاف حقيقة قدراته وإمكانات زملائه ومدربه. الذكاء يكمن في طرد هذا «الخوف» من خلال الإنجاز والاستعداد والتدريب القوي، واللعب بجدية، والثقة بالنفس، والعمل بروح الفريق الواحد، والانضباط، والتفكير فقط في اسم وسمعة كرة القدم السعودية. هذه بعض «تصورات» يمكن أن تهزم «الخوف» وتصنع الروح القتالية.. وذلك ما يجب أن يتنبه إليه المدرب «ريكارد» ومساعدوه، وقد اقتربت لحظات «الحقيقة السعودية» في تصفيات كأس العالم!