«المكافأة».. أفسدتهم يا أمير!

هيا الغامدي

TT

على الرغم من أن المكافأة بحد ذاتها منهج تربوي يراد منه الإثابة على عمل إيجابي وهي أداة مهمة في خلق الحماس ورفع المعنويات وتنمية الثقة بالنفس، كونها تعكس معنى القبول الاجتماعي للأشخاص المعنيين، فإنها أحيانا تحمل بداخلها ظاهرها وباطنها نتائجية «المفسدة».. وتوابعها وتراكماتها، أقول ذلك وأنا أحمل بداخلي الشعور بالحسرة والأسى على الحال الذي وضعنا أنفسنا فيه كمنتخب من الانتظار تحت رحمة نتائج الآخرين لنتأهل بعد أن كان التأهل للمونديال، لا للمرحلة التالية، عملا اعتياديا وتتابعيا بسنوات مضت، «إلهي» كم أصبحنا نتأخر ونتخلف وننتكس والكل من حولنا يتقدمون!

«حسابيا» لا يزال الأمل باقيا ولكن منطقيا لن نتأمل الكثير «لماذا؟!».. عودوا لسطوري بالمقدمة ولا تسألوني لماذا أنا متشائمة!؟ فإذا كنا قد عجزنا عن تجاوز منتخب «عادي» - مع احترامي - كالعماني على أرضنا وبين جماهيرنا الغفيرة، فكيف سيكون حالنا بالبلد البعيد «سيدني» المختلف تركيبة وثقافة وأهدافا، وإن لعب أمامنا «بالناشئين» عدا الصف الرديف، متوقع فوزه.

والآن.. بعد النتيجة الفاجعة أمام عمان والتي ترامت بينها الحقيقة ما بين ريكارد واللاعبين، فالمدرب بأسلوبه العقيم.. اللعب بمهاجم وحيد.. بظروف الأفضلية، واللاعبون بأدائهم الهزيل، «وأم المصائب» وهي مسألة نقدية، نلتقي عندها تصريح «ريكارد» عن لعيبته ووصفه لهم بـ«لاعبي أندية» وهي مسألة خطيرة أصاب من خلالها كبد الحقيقة خاصة من بعض المسميات التي تعرف نفسها ونعرفها نحن!

أربط ذلك بالتوجه المستديم لتفعيل الاتجاه للمكافأة الذي يتجه إليه المسؤولون عموما بعد كل أداء إيجابي للمنتخب ينشد من ورائه تعزيز العمل وتنميته يعقبه إعصار من الضياع والخيبة وهو ما حدث بعد نهاية مباراتنا أمام تايلاند كتعزيز لخطوة الفرح العارم والمبالغ فيه، ومؤخرا تابع الأمير نواف بن فيصل تقديم تلك المنح المادية.. «تدبيل المكافأة» وما الذي ترتب على ذلك؟! ونحن من وضعنا أنفسنا بتلك البؤرة الضيقة من الاحتمالات الصعبة، تثاقل.. انهزامية.. برود.. ارتباك، لا حلول فردية ولا تركيز، فالوسط معطل والهجوم ضائع، والدفاع مع الحارس أفضل السيئين!

والسبب برأيي يتمثل بغياب «الدافعية» والمتمثل بوجود تحفيز مادي، بمعنى آخر الأداء الجيد أمام تايلاند كنا نحتاج معه تفعيل التحفيز المعنوي لا المادي لقرب اللقاء الثاني الذي تترتب نتيجته على الأول، وبما أننا كنا قد كافأنا اللاعبين فنحن نكون قد ألغينا لديهم حافز الأداء الأفضل! أدلل على ذلك بالطالب الذي يكافئه والداه بعد أداء كل واجب هل سيذاكر آخر العام أيام الامتحانات؟! بالطبع لا، وإن فعل فالدافع لذلك يكون أقل من الذي وعد بالمكافأة ولن ينالها إلا بعد النجاح آخر العام! وحينما نتحدث عن ذلك فنحن لا نهدف من وراء طرحنا أي سادية أو جلد ذات ولا شماتة أو ماسوشيه أو إنقاص من شأن أحد، بل هي مصارحة مع الذات وإيضاح للحقيقة خاصة أن مسؤولي الرياضة بهذا البلد يعون تماما أهمية النقد النافع الذي يراد به المصلحة العامة خاصة أن ذلك مقرون بالشراكة الإيجابية مع الإنجازات.

وما خطوة نواف بن فيصل بعد لقاء تايلاند إلا نوع من الإثابة المجزية طمعا بالمزيد من الأداء الوطني المشرف الذي يشكر عليه الرئيس العام لرعاية الشباب غير أن «المكافأة» كانت قد أفسدتهم يا أمير!