زيادة عدد المباريات ليست لإمتاع الجماهير

فرانكو أرتوري

TT

لن يكون هناك يوم دون كرة قدم مع استئناف بطولة الدوري الإيطالي أمس السبت عقب فترة التوقف الأخيرة بسبب ارتباطات المنتخب. وتنتظر جماهير الكرة الإيطالية وجبة كروية دسمة تستمر دون توقف لمدة 34 يوما حتى أعياد الميلاد. وسنحاول تحليل ذلك بالاستعانة بنظرية اقتصادية هي نظرية التضخم، والتي تعني زيادة الأسعار وانخفاض القيمة الشرائية للعملة الناجم عنها. ويستطيع من يعاني من الكثير من الديون (مثلنا نحن الإيطاليين في عالم كرة القدم وفي ميزانية الدولة) أن يستفيد من هذا التضخم، لكنه يبكي بعد مرور عدد من السنوات. وهذا هو بالضبط ما يفعله عالم كرة القدم. فهو يزيد من فرص المشاهدة، أي من عدد المباريات، من أجل العثور على موارد جديدة. وكانت النتيجة هي أن فريقا مثل الميلان فاز بدوري الأبطال الأوروبي عام 1969 بعد أن لعب 7 مباريات بينما لعب الإنتر 13 مباراة ليفوز باللقب في عام 2010. ولا يقتصر الأمر على ذلك. فقد فاز الميلان في ذلك الحين بقيادة ريفيرا وبراتي بلقب الدوري الإيطالي المكون من 16 فريقا، بينما حقق فريق الإنتر بقيادة مورينهو وميليتو لقب الدوري المكون من 20 فريقا. والشيء المدهش والسيئ في الوقت نفسه هو أن تركيب الجسم البشري لم يتغير لكن رواتب اللاعبين وميزانيات الأندية تضاعفت على الأقل 20 مرة بين هاتين الفترتين. وقد تحسنت أساليب التدريب لكن الميزانيات تبقى خاسرة في نهاية الموسم وينخفض مستوى الأداء بدءا من فرق الناشئين فصاعدا. وتوضح المراحل النهائية لكأس العالم وبطولات الأمم الأوروبية هذه الحقيقة. وتحتاج الأندية لعدد كبير من اللاعبين بين صفوفها من أجل تحمل هذا الإيقاع المكثف في المباريات وهو ما يدفع بها إلى إنفاق المزيد من الأموال. إن الأمر يشبه الدوران في حلقة مفرغة لا تنتهي أبدا. ولهذا السبب اقترح ساندرو روزيل رئيس نادي برشلونة مؤخرا العودة لبطولات الدوري المحلية بـ18 أو 16 فريقا فقط. وقوبل اقتراحه برفض تام، لا سيما في إيطاليا التي تعتبر القنوات التلفزيونية بها هي مصدر الدخل الأول للأندية (نحو 60% من دخل لأندية الكبرى مقارنة بما يقل عن 40% للأندية الكبرى في الدول الأوروبية الأخرى) وتدفع عائدات البث التلفزيوني على أساس عدد الأحداث الرياضية التي تقوم ببثها. ومثلما هو الحال على الصعيد المالي والبورصة في معظم الدول الأوروبية حاليا، تواجه كرة القدم الأوروبية مشكلة كبيرة، لكن حال إيطاليا يعتبر أسوأ مقارنة بباقي الدول. فبينما يذيع الدوري الإنجليزي، وهو الأقوى في العالم، نحو 4 أو 5 مباريات فقط من كل جولة من جولاته نفتح نحن المجال في إيطاليا أمام إذاعة جميع مباريات الدوري. وتمتلئ الاستادات في إنجلترا بالجماهير عن آخرها بينما لا يحدث هذا لدينا في إيطاليا. ولا تعتبر القنوات التلفزيونية هي الشيطان الأكبر المسؤول عن هذه الأزمة بمفرده. فهناك دول أخرى (مثل ألمانيا وإسبانيا) تذيع قنواتها نفس عدد مباريات الدوري التي تذاع في إيطاليا، لكن الملاعب هناك تمتلئ بالجماهير رغم ذلك. ويحظى الدوري الألماني بضعف عدد المشجعين الذين يذهبون إلى الاستاد لمتابعة المباريات مقارنة بدوري الدرجة الأولى الإيطالي، رغم أن الدوري الألماني كان قبل 15 عاما في نفس مستوى الدوري الإيطالي وربما أقل. فلدينا كان هناك تشجيع شبه علني على هجر الملاعب، التي كنا نتركها في حالة سيئة بحجة عجم وجود قانون محدد يحفز بناء استادات جديدة (وهو القانون الذي لم يحتاجوا إليه في الدوريات الأخرى). وهو اتجاه خاطئ تماما لأنه تم إثبات أن المشاركة المباشرة للجماهير في العرض، في إطار مبهج من الاحتفال والروح الرياضية، هي الوسيلة الحقيقية لزيادة عائد الكرة المادي. والنتيجة التي نستخلصها من ذلك هي أن هذه المشكلات تحتاج إلى نقاش عاجل وتعديل فوري.