النصر ورجل غير أسطوري

مسلي آل معمر

TT

لو أن الجماد يتكلم لتحدثت جدران النصر وقالت أكثر مما قال مالك في الخمر، فمنذ سنوات طويلة وهي ترى العجب، فكأني بالنصر يقول: الجمهور يلعنني، والشرفي يخجل من الانتماء لي، واللاعب يتهمني بالظلم، والإعلامي يزايد علي، لقد روج الإعلام للرئيس المليونير نكاية في كل من سبقه، فتقبل الجمهور الدعاية بكل سذاجة وصنعوا من الرئيس أسطورة تاريخية أكدتها الهتافات التي لم يشهدها مدرج ناد آخر، ويضيف النصر: إنها مشكلة المدرج الأصفر، المشحون بالعاطفة الغارق في التفاؤل، العاشق إلى حد السذاجة، والذي نشأ على القناعة بالقليل والعيش على خبز الوعود والتكتل لمواجهة مؤامرات الأعداء الوهمية!

بدأت نكسة النصر الحديث مع ظهور «أسطورة» كحيلان الذي وعد بأنه يصنع من الأصفر أفضل ناد في آسيا وينقله من ناد فقير محتكر إلى ناد غني مؤسساتي يصبح لجميع النصراويين، وتزامنت هذه الفترة مع بداية ظهور الاستثمار السخي في النادي الذي يودع في الخزينة النصراوية ما يقارب الستين مليونا سنويا، لكن الأيام جاءت بعكس الوعود، فالرئيس المليونير حول النادي إلى مديونير، وعصر الانفتاح انقلب إلى احتكار أشد من السابق، وعلى طريقة: قاعد على قلوبكم! أما النتائج فحدث ولا حرج.. فالفريق الذي وصل للمربع الذهبي بلا أجانب ثم حقق كأس فيصل ووصل للنهائيات قبل ثورة الاستثمارات، أصبح يراوح في النصف السفلي من جدول ترتيب الدوري، نعم لقد تغير النصر بعد خروجه من الدائرة الضيقة لكن إلى الأسوأ، كما أنه تحرر من احتكار مجموعة أشخاص لكن إلى محتكر وحيد يلعب فيه كيفما يشاء!

هناك من النصراويين من روج لبعبع وهمي اسمه «من البديل» في حالة استقالة الإدارة، رغم أن التجربة تقول أن أي بديل من المدرج متعلم متعقل لديه خبرة عملية وقيادية في أي مجال، يستطيع أن يقدم أفضل بكثير من العمل الحالي، ومن لا يقتنع بهذا عليه أن يتذكر أن متصدر الدوري الاتفاق يسير بميزانية سنوية لا تتجاوز العشرين مليونا، بينما دخل النصر يوازي ثلاثة أضعاف هذا الرقم، لكن فارق الفكر خلق مسافات في الترتيب، كما أن من يرفع شعار «من البديل» يقدح في المدرج الأصفر ربما دون أن يدري، فهل يعقل أنه لا يوجد بين من لا يقل عن مليون نصراوي من يستطيع أن يقدم أفضل من هذا العمل؟

أعتقد أن قضية النصر الآن أصبحت محصورة بين إدارة النادي من جهة والمدرج والإعلام من جهة أخرى، فالمدرج والإعلام هم من صنع «الأسطورة» وسوق لها، لذا عليهم إما أن يقبلوا وضع الفريق ونتائجه، أو أن ينتقموا للخديعة التي تعرضوا لها ويبحثوا عن «رجل صادق غير أسطوري» في المدرج المليوني!