«إمباير».. من يرقب تحركات اللاعبين؟

محمود تراوري

TT

قبل فترة كلف اتحاد الأندية الألمانية المحترفة لكرة القدم شركة «إمباير» بجمع معلومات حول كل مباراة في الدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليغا) ودوري الدرجة الثانية. تسجل الشركة جميع التحركات فوق أرضية الملعب، لتمثل معلومات مهمة لمحللي كرة القدم، كما تمنح وسائل الإعلام مادة للعناوين المثيرة، علاوة على أنها تمكن أي شخص من عشاق كرة القدم من معرفة عدة إحصائيات حول أي مباراة.

البروفسور يورغين بوشمان من الجامعة الرياضية الألمانية في مدينة كولونيا، كشف عن كاميرات ترصد حركات كل لاعب وتقدم معلومات يجري تقييمها مباشرة، من بينها مثلا كم عدد الأمتار التي قطعها اللاعب في المباراة؟ وكم مرة جرى فيها؟ وما هي سرعته أثناء الجري؟ وينبه بوشمان الذي يتعاون أيضا مع المنتخب الألماني إلى أن هذا مكمن الخطورة، ويطالب بفحص وتنقية المعلومات الأولية عن اللاعبين.

مديرو أندية كرة القدم الألمانية أزعجهم وصول المعلومات حول اللاعبين إلى الرأي العام دون حواجز. متوقعين إمكانية استغلالها بشكل سيئ من أجل استخلاص نتائج خادعة تصبح عناوين للأخبار المثيرة. وتتعقد الأمور عندما تتناول الصحافة الصفراء ـ اعتمادا على هذه المعلومات ـ أداء لاعب بعينه فتنخفض قيمته في سوق الاحتراف. بينما يسخر أندرياس ريتيغ مدير نادي أوغسبورغ مواجها الموقف بقوله «إذا كان جري اللاعب في المباراة هو الأهم فعلى الأندية أن تشتري عدائي مسافات طويلة (ماراثون) بدلا من لاعبي كرة قدم»، لافتا إلى أن إيقاع المباراة وأداء اللاعب وسرعته تحكمها عدة أشياء من بينها تكتيك المدرب، والإصابات التي تقع للاعبين وتوقف المباراة للتغيير وتنفيذ الضربات الثابتة، وغيرها. وبعد نقاش حاد بين الأندية الألمانية، وشركة «إمباير» واتحاد الأندية الألمانية تم الاتفاق على إتاحة الإحصائيات للجميع، فتسويق هذه الإحصائيات أصلا جزء من العقد بين «إمباير» واتحاد الأندية. وإذا كان الخبراء يرون أن جمع الإحصائيات عن اللاعبين في مجالات رياضية أخرى مثل الهوكي والكرة الطائرة والسلة مسألة عادية، فإنها تبدو صعبة في كرة القدم. قال بوشمان: «إن سماح اتحاد الأندية الألمانية بجمع المعلومات في الدوري الألماني وإتاحتها للجميع يمنح ألمانيا الريادة في هذا المجال، لكن إنجلترا تتفوق على ألمانيا، شيئا ما، في مهنية وحرفية تحليل المباريات، فالإنجليز لديهم منذ سنوات كشافون ومحللو مباريات محترفون يعملون لدى الأندية ذاتها، ويجمع كل منهم لناديه معلوماته الخاصة».

محليا وإبان وجودي في الميدان قبل عقدين ونيف، أتذكر أن الدكتور عبد الحكيم موسى – أحد مخضرمي كلية التربية بمكة المكرمة – اقترح مثل هذه الفكرة، طبعا رصد بلا كاميرات، داعيا إلى اعتماد الصحافة الرياضية لها في تحليلها، ما يوفر معلومات قد تفيد الأجهزة الفنية، بدلا من الإفراط في الوصف الإنشائي والرؤى الانطباعية. وبطبيعة الأشياء لم يلتفت لها، غير أن التساؤل ربما يبرز الآن وهو هل تذهب الأقنية الرياضية نحو فعل كهذا كي تعرف بدايات الدرب لمهنية ينشدها كثيرون؟