رؤية محمد بن زايد!

مساعد العصيمي

TT

المتابع لكرة القدم في دول مجلس التعاون الخليجي لا ينفك عن الحديث عمَّا شهدته هذه الكرة من تباين بين الرقي والتراجع.. ولا ينسى أنها عنيت بوجود أفضل المدربين، بل واستعانت بالمحترفين المتميزين، ناهيك عن سيولة مالية جعلت من اللاعب ثريا والاتحاد في بحبوحة الرخاء واليسر. وعلى الرغم من ذلك فإن أهل الخليج لم يتخلوا عن رفع عقيرتهم بالشكوى من سوء حال نتائجي.. فكرة القدم الخاصة بالمنتخبات تقابل بعد كل عثرة عثرة أخرى.. والأسباب في ظهر الغيب وتحت رحمة الله.. في ظل أن الإداريين يثنون على ما يقومون به، واللاعبين يستحثون الخطى للسير نحو الأمام.. لكن دون جدوى.. أين مكمن العلة؟! الإجابة سهلة على الرغم من الضبابية المعلوماتية التي يحاول كل منتمٍ للعمل في المستديرة أن يزيدها.

فاللاعبون هم اللاعبون.. والمدربون متميزون.. والبرامج على أفضل حال.. إذا لم يبقَ إلا الإداريون.. فهل هم مكمن العلة ومصدر الخلل؟! السيرة الذاتية للمنتخبات تجيب عن ذلك.. فمن يقرأ عمل السنين الماضية لن يعد سوء عمل الإداريين اكتشافا؛ لأننا نؤمن أن كرة الخليج تدرك ذلك من جراء ألمها المتزايد منه.. لكنها بكل أسف لا تداويه.. بل تصر على استمراره.. والسبب أن اتحادات كرة القدم فيها باتت كالقبيلة.. لا حسابات للمستقبل.. بل للأشخاص!

وعليه، فمن يتوقع أن تكون دول كالسعودية والإمارات وقطر في ذات الشأن المتردي نتائجيا.. وهي التي، جميعها، قادرة على أن تتطور.. فهي تملك البنية التحتية والموارد المالية الكبيرة.. ناهيك عن الفكر العالي المحيط بها.. لكن أين ذلك الفكر العالي في ظل سطوة العمل والتفرد به.. وأحسب أننا لو راجعنا أنفسنا ودققنا في ماهية أخطائنا لعرفنا كيف نتطور وكيف نسير.. هنا جدير أن أستعيد كلمات مضيئة لولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد أطلقها قبل نحو 8 أعوام (نوفمبر - تشرين الثاني 2003) خلال ندوة الواقع الرياضي في الإمارات التي أقيمت لأجل النهوض برياضة الإمارات حينما أعلن وبكل قدرة على استشراف المستقبل أن «المرحلة الجديدة هي مرحلة نظام وليست مرحلة أشخاص.. وأن على اتحاد الكرة أن يفعل ذلك من خلال نظام للعمل لا يتأثر بغياب الأشخاص؛ لأن الأشخاص زائلون والنظام هو سيد العمل»، انتهت تلك الرؤية التاريخية.. فهل أحسنت اتحادات الخليج في بلورة ذلك التوجه وفعلته؟ الأكيد أنها لم تفعل.. والسبب أن الشأن الفردي هو من يطغى على القرار، وانظروا كيف تعمل الاتحادات الثلاثة المذكورة وكم خسائرها تعاقديا وبرامجيا.. بل أجزم أنها تفتقد الرؤية المستقبلية القائمة على برامج مدروسة موثقة لا تتغير وفق مزاج أحد ولا تتبدل كرد فعل لخسارة أو تراجع.. هم يعيشون مراحلهم ولا بأس أن عينوا في العام الواحد أكثر من 4 مدربين لمنتخب واحد.. ومئات الرؤى والمتغيرات.. المهم أن يكون هناك رئيس يقول وينفذ!

كرة الخليج تئن من فرط ألم أعياها كثيرا.. لكن أين علاجها؟ بل كيف الحصول على هذا العلاج؟ برأيي أن رؤية محمد بن زايد تحمل الكثير والكثير.. لكن من يتعلم؟!

[email protected]