لماذا نسترخص الملايين في اللاعبين الشباب؟

موفق النويصر

TT

استمتعت، كغيري من المهتمين بالشأن الرياضي، بالحديث الذي أجراه الزميل تركي العجمة عبر برنامج «كورة»، مع الأمير نواف بن سعد، نائب رئيس نادي الهلال السعودي، وبثته قناة «روتانا خليجية» الأحد الماضي.

الحديث، الذي لم يخلُ من الصراحة في الكثير من جوانبه، استوقفتني فيه عبارة ذكرها الأمير نواف عندما عرج بالحديث إلى المفاوضات الهلالية - القدساوية، التي لم يُكتب لها النجاح، حول انتقال المدافع الشاب ياسر الشهراني للفريق الهلالي؛ حيث ذكر: «من غير المعقول أن ندفع المبلغ الذي طرحته إدارة القادسية في لاعب عمره 19 عاما».

ولا أخفي سرا إذا قلت إنني استغربت كثيرا مثل هذا الرد، خصوصا أنه يأتي من شخصية رياضية بحجم الأمير نواف كانت له تجربة مميزة مع المنتخبات السنية قبل أن يتقلد منصبه في نادي الهلال، إلا أن ما ذكره يعبر حقيقة عن فكر شريحة كبيرة من مسيري الأندية السعودية.

وهنا أود أن أسأل الأمير نواف وغيره ممن يتبنون هذا الرأي: كم كان عمر ليونيل ميسي عندما انتقل إلى برشلونة الإسباني؟ وكم كان عمر الأسطورة بيليه عندما حجز مقعده في صفوف المنتخب البرازيلي؟ وكم كان عمر دييغو مارادونا عندما قاد منتخب بلاده وحمل كأس العالم في المكسيك؟ وكم كان عمر كريستيانو رونالدو عندما لعب لأول مرة في مانشستر يونايتد؟ وكم هي أعمار أبرز نجوم العالم الحاليين أمثال: سيسك فابريغاس، وواين روني، وجيرارد بيكي، وسمير نصار، وأرون رامزي، وغاري سيبل؟ ومحليا كم كان عمر محسن الجمعان عندما انضم لأول مرة للمنتخب السعودي وحقق ما لم يستطع الكثير من نجوم الكرة آنذاك تحقيقه؟

المفارقة أن بحثا بسيطا على شبكة الإنترنت يكشف عن حجم العروض التي قدمت لمعظم لاعبي أميركا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا ممن شاركوا في نهائيات كأس العالم للشباب بكولومبيا 2011، في حين لم نسمع عن لاعبي المنتخب السعودي الذي شارك في البطولة ذاتها سوى عن توقيع معن الخضري لنادي الاتحاد بـ2.5 مليون ريال، وتعثر إجراءات انتقال شهراني القادسية للهلال.

الغريب أن الأندية السعودية لا تجد حرجا في دفع ملايين الريالات لتجديد عقود لاعبيها «العواجيز» ممن انتهى عمرهم الافتراضي في الملاعب، في المقابل نجد أنها «تسترخص» في «شبابها»، ممن ينتظرهم مستقبل كبير، منحهم ما يستحقونه من مبالغ أو حتى الفرصة للمشاركة في الفريق كأساسيين.

ولنقارن ذلك بالأسماء الأجنبية التي يتم جلبها بمبالغ يفوق بعضها ما يتقاضاه عشرة لاعبين سعوديين، ويتم منحها الفرصة تلو الأخرى على الرغم من أن مستوى بعضها لا يؤهلها للعب أساسيا في الفريق، ومع هذا لا تتذرع الأندية بصعوبة توفير الملايين عند جلب هؤلاء اللاعبين.

الأكيد أننا إذا أردنا أن نرتقي بكرتنا السعودية فليس أفضل من الهبوط بالمتوسط العمري للاعب المحلي، وذلك لا يكون إلا من خلال ضخ الدماء الجديدة في شرايين الأندية والمنتخبات الوطنية على حساب «العواجيز».

ولتكن التجربة الكويتية مثالا نأخذ منه العبر؛ حيث تحول «بعبع» الخليج لسنوات طويلة إلى «حمل» وديع، نتيجة اعتماده مطولا على جيل ذهبي واحد، فكانت النتيجة أن سقط سقوطا مدويا بعد اعتزالهم الواحد تلو الآخر، وعندما تنبهت الإدارات الكويتية لذلك، تفاجأت بالقادمين من الخلف، الذين استأسدوا عليها وأصبحوا يمطرون شباكها بالأهداف على أرضها وبين جماهيرها... فهل نتعظ؟

[email protected]