رحيل مبدع!

عادل عصام الدين

TT

لم تفز البرازيل بنهائيات كأس العالم لكرة القدم بإسبانيا عام 1982، وطارت البطولة لإيطاليا بقيادة هدافها باولو روسي، ومع ذلك فرض الفريق البرازيلي الذي قاده في تلك النهائيات «أستاذ» التدريب نيلي سانتانا، نفسه على كثير من الاستفتاءات والتصنيفات والآراء الفنية. وسبق لي أن تناولت عدة مرات ما كتب عن أفضل الفرق في تاريخ كرة القدم والتي جاء من بينها برازيل بيليه عام 1970، وريال مدريد «خمسينات» القرن الماضي، وآياكس كرويف، والميلان في بعض الآراء، وأخيرا برشلونة الحالي، لكن الاستثناء تمثل في منتخب برازيل 80 بقيادة سانتانا، وعلى الرغم من أن هذا الفريق الجميل لم يكن محظوظا بالفوز بالكأس، فإن الكثيرين يرون أنه أجمل فريق في التاريخ، الأمر الذي يعني أن «النتائج» ليست كل شيء.

صحيح أن التاريخ لن يعترف إلا بالنتائج.. أي بمن حقق البطولة.. ولن يعرف الجيل الحالي من المتابعين كيف لعبت البرازيل ولا كيف أبدع نجومها آنذاك، بل سيتعرف على اسم البطل فقط، ألا وهو منتخب إيطاليا الذي استطاع أن يفوز في النهائي على منتخب ألمانيا.

منتخب البرازيل عام 1982 حظي بتعاطف عالمي كبير لأنه لم يستحق الخروج عطفا على أدائه الأخاذ وأسلوبه الجميل، والأدهى والأمر أنه خسر أمام إيطاليا.. الفريق الذي يعتمد على بسالة الدفاع والسرعة واقتناص الفرص، وكان يفتقد للأداء السلس الجميل الجذاب والمهارات الفردية العالية التي ميزت الفريق البرازيلي.

بالأمس فقدت البرازيل قائد ذلك الفريق.. قائد الأوركسترا.. و«الكونشرتو» البرازيلي سقراط.. الطبيب الذي برع في الطب.. لكنه أبدع وتألق وذاع صيته من خلال كرة القدم.

توفي سقراط بعد تعرضه لحالة تسمم، وبرحيله يغيب أحد ألمع الأسماء ليس في تاريخ الكرة البرازيلية بل في تاريخ كرة القدم العالمية كأحد أهم «المبدعين» في هذه اللعبة. لا يمكن لأي متابع شاهد وانجذب وتعاطف مع برازيل 80 أن ينسى سقراط ومعه فالكاو وإيدر وجونيور وقبلهم زيكو. أسماء تستحق أن تكون من بين قائمة المبدعين.. أرفع درجات عالم الكرة قبل العبقرية أو درجة «الأسطورة» مثل بيليه ومارادونا وميسي.. وهناك من يرى أن زيدان نجم «أسطوري» وكذلك كرويف وبلاتيني وجارنشيا ورونالدينهو ورونالدو وغيرهم.

تطورت كرة القدم كثيرا وبات الاعتماد على الأداء الجماعي وغلق المساحات والضغط على المنافس وملء المساحات الشاغرة والسرعة والصلابة كثيرا.. ومع ذلك لا يزال المشاهد أو المتفرج منجذبا للكرة التي تمنح بعض الحرية للمبدعين وأصحاب المهارات الفردية العالية.

الكرة أهداف.. ولكن لا يمكن إنكار متعة وجاذبية الأداء «الاستعراضي»، ولذلك كانت ولا تزال البرازيل هي سيدة العالم «كرويا» والأكثر شعبية، وأشهر المبدعين بيليه وجارنشيا وزيكو وديدي وفافا وتوستاو وريفللنو وفالكاو وسقراط وإيدر ورونالدو ورونالدينهو وكاكا.. لكن سقراط كان بالتأكيد أفضلهم دقة في التمرير وقدرة على التحكم في الكرة.

رحيل سقراط.. يعني رحيل الأفضل دقة في التمرير.

[email protected]