المدرب الوطني وجزاء سنمار

موفق النويصر

TT

لا أعلم لماذا تذكرت المثل العربي الشهير «جزاؤه جزاء سنمار» وأنا أقرأ قرار لجنة شؤون المنتخبات بإعفاء المدرب الوطني يوسف عنبر من تدريب المنتخب الأولمبي، وتكليف البرازيلي روجيروموريس لإكمال المرحلة الثانية من التصفيات المؤهلة لأولمبياد لندن 2012.

ولمن لا يعرف «سنمار»، فهو مهندس آرامي من سكان العراق الأصليين، ينسب له بناء قصر «الخورنق» الشهير، وقد ألقاه النعمان بن المنذر صاحب القصر من أعلاه، عندما سمع بأنه قادر على بناء قصر أفضل منه.

إقالة يوسف عنبر، الذي وافق على تدريب المنتخب الأولمبي في مرحلة حرجة جدا بعد تعثر جهود إدارة شؤون المنتخبات السعودية في التعاقد مع مدرب مؤهل لهذه المهمة، هو تكرار لسيناريو إقصاء المدربين الوطنيين، بدءا من الزياني؛ مرورا بالخراشي والجوهر سابقا، والبدين والقروني وباخشوين لاحقا، التي يمكن إجمالها في عدم تقدير المدرب الوطني، ولا حجم التضحية التي يقدمها نظير قبوله بهذه المهمة.

الأكيد أنه لا يوجد من هو سعيد بنتائج المنتخب الأولمبي، حيث لم يحصد سوى نقطة واحدة من 3 مباريات. ولكن قبل أن نحاسب العنبر على نتائجه، لنتساءل: هل منحناه كامل الصلاحيات ومن ثم أخفق؟

تصريح العنبر في هذه الصحيفة يوم 23 سبتمبر (أيلول) 2011 يؤكد أنه لم يمتلك كامل الصلاحية، حيث قال إن «إدارات الأندية أصرت على مشاركة لاعبيها الموجودين مع المنتخب الأولمبي في الجولة الثانية من دوري (زين) السعودي، مما ساهم في سوء مرحلة الإعداد التي سبقت لقاء قطر ولم تتجاوز مدته الـ4 أيام، وتلك الفترة القصيرة لا بد أن تلقي بظلالها على مستوى المنتخب الذي لم يتمكن من خوض لقاءات تجريبية لارتباط اللاعبين مع أنديتهم».

وأضاف: «هناك معضلة أخرى تتمثل في توقيت بداية الدوري، فمسابقة الأمير فيصل بن فهد لم تعد لاعبي الأولمبي بالشكل المطلوب، مما جعلنا نقتصر على آخر مشاركة كانت لنا وهي بطولة الخليج، التي مضى عليها ما يقارب الشهر، ومن ذلك التاريخ لم نجر أي مباراة استعدادية».

في تقديري، لا يوجد مدرب وطني مؤهل للإشراف على الأندية، ومن باب أولى المنتخبات، وذلك ليس قصورا في كفاءتهم، ولكن لأنهم لم يأخذوا فرصتهم الحقيقية بعد، وإن أصابوا شيئا من النجاح خلال عملهم البسيط، فلأنه يأتي دائما مكملا لعمل المدرب الأجنبي، ومعروف أن التغيير عادة ما يأتي بثماره الآنية، ولكن ليس على المدى الطويل.

ما يحتاجه المدرب الوطني أن يكون قد مارس الكرة وأخذ نصيبه من المشاركات القارية والعالمية المختلفة، ثم يحصل على دورات تدريبية متخصصة بعد اعتزاله، ثم ينخرط في السلك التدريبي كمساعد لمدربين عالميين، قبل أن ينتزع فرصته التدريبية كمدير فني، يتولى زمام الأمور من الألف إلى الياء، وهو ما لا يحدث في ملاعبنا، حيث تتم الاستعانة به في الأزمات فقط، كمدرب إنقاذ بعد تسريح «الأجنبي»، كما هي الحال الآن مع النصر والاتحاد وعادة المنتخبات، لعدد محدود من المباريات، تزيد أو تقل بحسب الفترة التي يتم استغراقها في البحث عن مدرب بديل.

الأكيد أن اتحاد الكرة لديه الرغبة في تحسين أحوال المدربين الوطنيين، ولكن الأماني وحدها لا تكفي لانتقالهم من المربع الأول إلى الثاني. نحتاج إلى تحسين بيئة عملهم، وفرضهم ضمن قوائم الأجهزة الفنية للأندية، واحترام اختياراتهم، والتعامل معهم على أساس أنهم مدربون بكامل الصلاحيات والامتيازات عندما يكلفوا بذلك.. وأن لا يكون جزاؤهم في النهاية «جزاء سنمار» عندما يخفقون رغما عنهم.

[email protected]