النصر وخيار.. «ارحل»!

هيا الغامدي

TT

تتعاقب السنوات.. تتوالى الإدارات.. تنطوي الدوريات.. تتغير الأجهزة الفنية والإدارية على النصر، والحال هو الحال؛ لم يعد يريح الخاطر، أو يسر الناظر، ولا القريب أو البعيد، وكأنما الكون يدور بأفلاكه ونجومه وكواكبه والنصر باق على ثباته دون حراك.. لماذا؟ فمن يدرك الإجابة سيدرك عظم مسؤولية التساؤل، والجواب أعظم من أن «تشفيه» مجرد كلمات وتقنعه مجرد دلائل.

آخر مواسم الجفاف قادتها الإدارة الحالية لفيصل بن تركي الذي جاء للكرسي بأحلام مليونية دمرتها التخبطات المديونية، فذهبت مع التركيبة الكيميائية الحالية.. الأحلام تذروها الرياح بين يمنة ويسرة والحال هو الحال!

المتغيرات في النصر قليلة.. سطحية ووقتية وذاهبة مع السحاب عبر فضاء كبير.. اسمه ورسمه وصيته وعمقه لا يدل على اجتماع حتى في عز الاجتماع، فالصورة مثالية أكثر منها حقيقية.. بداخلها ألف باب لخلاف مستتر، وإن ظهر الاجتماع على كلمة، فبين الحروف مسافات وحقائق وقلوب شتى، والفراغ كبير يعمق المسافة الفاصلة بين الإدارتين العليا والدنيا.. فالإدارة بأحلامها الكبيرة سبقت الواقع بمسافات طويلة، لكن ظروف الفريق واستقالات الوقت الأخير لم تحفظ وجه الإدارة أو قررت من مخطئ ومن مصيب؟ مع من وضد من؟ فالعمل الإداري الناقص منتج.. «قليل الحظ» ومنحوس ومغروس بالخطيئة وهو كما هو دون ناتج يمهد للاستمرارية.

في النصر الأجهزة الفنية جميعها تخسر رهانها.. «لماذا؟». تساؤل شبه استهلاكي الصفة والمذهب، ولعنة الفشل، ومن ثم الرحيل، تطارد كل واحد يتصدى للمهمة! ليس تهكما ولا تجريحا أو تلميحا ولكنها حقيقة يغفلها المنطق ويتجاوز بها الزمن لغير وجهه تقفز به عن الواقع، لكنني على قناعة شبة أكيدة بأن الحقيقة على علاقة بالخامات المتوفرة، الأدوات العناصرية؛ فالعرب كانت تقول «الجود من الموجود» بأمثالها الدارجة.. هكذا خيل لي حال مدربي النصر! حتى إن «العين الانتقائية» بالنصر أشبه بالضريرة وأعني بها المحترفين «الأجانب/ المحليين»، فكلاهما في الهواء سواء، بمعنى أنك لا تجد بالنصر - مع احترامي -أسماء كبيرة ومؤثرة فاعلة تحمل النادي على عاتقها؛ بل العكس، وكل ما يحدث هو العكس.. «وبس»!

فاللاعبون القادمون بين المنتهية صلاحيته ومتحدي الذات ونواتج الكباري إلى أن أصبح النادي مرتعا لأرباع النجوم والمغمورين، «واللي ما يأكل بإيده ما يشبع يا نصر»، حتى نكون صادقين.. رحم الله زمن ماجد ومحيسن وخميس..! هؤلاء هم أبناء النادي المؤثرون الذين أثروا خزانته وكانت لهم بصمة إيجابية على مسيرته وليس ما يحدث الآن من سباق على الشهرة والمال، والبقية.. «الصمت حكمة»، حتى أصبح خيار مدرج «الغضب الأصفر» يلوح بالمرار وضيق الخيار؛ فإما الرحيل.. أو الرحيل! بين مفارقة عزيز، أو الصبر على قائمة ثوابت سلبية لا تنتهي ولا تضمحل ولا تتوارى، مع بقاء خيارات ضيق الحلول، وأفضل المخارج تفعيل استراتيجية.. «ارحل» التي عبر عنها فاروق جويدة بقصيدته أيام عز الأزمة المصرية.. «ارحل وعارك في إيديك»!

مع بقاء ثوابت أخرى تعنى بنظرية المؤامرة وتركيز النظر على «الجار» مع أن الحكمة تقول: «من راقب الناس مات هما».. والنصر يموت بالغياب ألف مرة، أعيدوا العالمي لمكانه ومكانته أيام الرمز الكبير، احفظوا له هيبته؛ فالنصر سيبقى بمن حضر، شاء من شاء وأبى من أبى!