عندما ينتحر الرياضيون

محمود تراوري

TT

تحت هذا العنوان كتب الدكتور بسام صالح بن عباس، الخميس الماضي، ما أعتبره من أهم مقالات الموسم الرياضية، لكنه نشر بعيدا عن الصفحات الرياضية، ولو كان لي من الأمر شيء في جريدة «الرياض» لنشرته في الصفحات الرياضية، لأنه يعبر عن مشكلة تتفاقم مع مرور الأيام، وسط صمت مطبق حولها، ما يرشحها لتكون كارثة من كوارث المستقبل المنتظرة، إن لم يتم تداركها فورا، على المستويات كافة رسمية وإعلامية واجتماعية. يتحدث بن عباس المتخصص في قسم الغدد الصماء والهرمونات عن إقبال الشباب في الأندية الرياضية الخاصة، ذات النهج التجاري، على تناول المنشطات بأنواعها كافة، حتى أصبح الرياضي منهم بحسب بن عباس على معرفة (على حد علمه واعتقاده) بجميع أنواع الهرمونات المنشطة والمقوية للجسم والعضلات.

وتكبر الفاجعة حين يذكر بن عباس أن الرياضيين «تنافسوا فيما بينهم ونافسوا مرضى السكري في أخذ حقن الأنسولين لظنهم بدوره في زيادة حجم العضلات، فمنهم، من يسعف نفسه ويتعاطى كما من الكربوهيدرات تفاديا لانخفاض مستوى السكر في الدم ومنهم من لا يحالفه الحظ ولا يستطيع إسعاف نفسه فتصيبه نوبات نقص السكر وما قد تفضي إليه من غيبوبة وتشنج ووفاة في بعض الأحيان، والبعض الآخر يكتفي بتناول أقراص هرمون الغدة الدرقية رغبة منه في حرق مزيد من الدهون وإظهار تفاصيل العضلات ناسيا أو جاهلا بأن زيادة مستوى هذا الهرمون قد يسبب زيادة في ضربات القلب واضطراب دقاته مؤديا في بعض الحالات إلى توقف القلب والوفاة المفاجئة، والبعض الآخر يلجأ، ظنا منه، إلى وسيلة أكثر أمانا ألا وهي استخدام هرمونات النمو، وحيث أنها باهظة الثمن فهو يتحرى الأنواع الأقل تكلفة والمستوردة من معامل شرق آسيوية لا يُعلم نقاؤها ولا صفاؤها مسببة في كثير من الأوقات أمراضا ومضاعفات لا يعلم عواقبها ولا تعرف تبعاتها». ويستمر بن عباس في طرحه مستعرضا معلومات مفجعة في هذا الاتجاه، ليؤكد أن غياب الوعي الصحي الرياضي بين الشباب هو أهم مسببات انتشار المنافسة غير الشريفة بينهم، ذاهبا إلى أننا بحاجة إلى إشراف طبي مباشر على هذه النوادي الرياضية والتحقق من خلوها من هذه المنشطات والهرمونات وخلو ذهن مشرفيها ومرتاديها من هذا الفكر الضال «صحيا» حسب تعبيره.

وهو ما يتقاطع ضمنا مع ما ذكره كاتب هذه السطور هنا في 4 ديسمبر الجاري لافتا إلى قصص وحكايات هنا وهناك وبتفاصيل مختلفة، لكنها تبدو متقاربة في المصائر، حين تكشف عن جانب معتم بشع، للممارسة الرياضية. وإن كانت لن تدعوك إلى أن تبغض الرياضة، أو تحجم عن خوض غمارها، إلا أنها تدعوك بقوة لطرح سؤال أخلاقي عميق، عن الممكن والمتاح والمشروع في هذه الممارسة.