طعنات في صدر الإمبراطور توتي

لويجي جارلاندو

TT

لا شك أن لسان حال توتي قائد فريق روما كان يردد كلمات كاليغولا الإمبراطور الروماني الشهير «حتى أنت يا بروتس»، بعد تعرضه لإهانات من جانب جماهير روما أثناء سيره في الشارع بسبب إهداره لضربة جزاء أمام اليوفي في مباراة الفريقين الأخيرة. ولعل توتي كان سينطق هذه العبارة باللغة اللاتينية، لغة روما القديمة لأن الإهانات التي وجهتها له الجماهير تشبه الاعتداء على إمبراطور. ويمكن أن تفسر لنا روما القديمة تعرض توتي للانتقادات والإهانات وعدم تعرض ديل بييرو لها رغم أن الاثنين لم يسجلا أي أهداف هذا الموسم وكلاهما أهدر ضربة جزاء. فديل بييرو هو الآخر يخطو الخطوات الأخيرة في مسيرته لكن مدينة تورينو التي تتميز بالدقة والتنظيم وحسن الإدارة لم تنتقده بكلمة أو توجه له أي إساءة، بل تقوم حاليا بتعديد إنجازاته الرائعة مع السيدة العجوز طوال مسيرته وتعتبره نجما لا يتكرر، بينما تعتبر مدينة روما الإمبراطورية عالما مختلفا يقوم على العواطف القوية والمشاعر العنيفة والحماس الشديد.

لقد انضم ديل بييرو إلى نادي اليوفي وهو لاعب شاب، بينما كان الطفل توتي ابن مدينة روما عام 1984 يبكي مع المدينة بأكملها على ضياع لقب دوري الأبطال أمام فريق ليفربول في ضربات الترجيح. وفي تلك اللحظة قطع توتي وهو بعد طفل صغير على نفسه عهدا بأن يمسح دموع مدينته يوما ما بإهدائها لقبا آخر. ولهذا السبب تخلى توتي عن حلم الفوز بجائزة الكرة الذهبية ولم يترك نادي روما قط، لكنه فاز بحب الجماهير التي نصبته إمبراطورا يعلو فوق الجميع وفوق مبادئ الثواب والعقاب. فعندما قام توتي ذات يوم بركل بالوتيللي بشكل فج نظمت جماهير نادي روما يوما أطلقت عليه «يوم توتي» دفاعا عنه. فالأسطورة لا ترتكب أي أخطاء. وأهدى توتي بعد عودته من ألمانيا بلقب كأس العالم 2006 هذه البطولة الثمينة لجماهير روما واحتفل بها وهو يرتدي على رأسه قبعة تحمل ألوان النادي. وقبل فترة أحضر لوكا دي بارتولومي لتوتي القميص رقم 10 الذي كان يرتديه والده عندما سدد إحدى ضربات الجزاء الضائعة في مباراة ليفربول المشؤومة. وقد أضاع توتي يوم الاثنين الماضي ضربة جزاء أمام اليوفي كانت كفيلة بتحقيق الفوز وتعرض بعدها لإهانات أشد من طعنات الخناجر من جانب بعض جماهير النادي. ولعله ردد في تلك اللحظة نفس كلمات كاليغولا بعد أول طعنة: «ما زلت حيا»، لتأتي بعدها 30 طعنة أخرى.

ولماذا تعرض توتي لذلك «الكمين»؟ لأن 20 عاما من اعتلاء عرش الإمبراطورية بتفانٍ كبير يمكن أن تتسبب في مشاعر عكسية وبنفس قوة مشاعر الحب لدى الجماهير. والمعروف أن 70 في المائة من أباطرة روما القديمة لم تنتهِ حياتهم بوفاة طبيعية. هل أصبح توتي ثريا بدرجة لا تسمح له بالبقاء على عرش روما؟ هل ازدادت سطوته بدرجة تؤلب عليه الجماهير؟ ربما لم يرق لجانب من جماهير نادي روما أن يروا نجمهم الأسطوري متسلطا مثل كاليغولا ومنشغلا بصورة كبيرة بتصوير الإعلانات التلفزيونية. فالإمبراطور لا يمكنه أن يفعل ذلك، وتوتي إمبراطور روما بينما لا يعتبر ديل بييرو إمبراطورا في تورينو. ولعل هذه الإهانات كانت طعنات العاشقين الذين لم يطيقوا رؤية نجمهم المحبوب وهو يتقدم في السن بعد أمجاده مع نادي روما.