إنه رجس من عمل الشيطان؟!

مساعد العصيمي

TT

«اللهم لا نسألك رد النقد.. لكن نسألك اللطف بنا ممن يتلقاه»؟!

مع هذا الدعاء يبدو أن النقد في المجتمع الرياضي السعودي بات أقرب لأن يكون «رجسا من عمل الشيطان» لا تقربه يا ابني. هذه ستكون رسالتي لأبنائي الصحافيين من النقاد الجدد.. سيجعلكم في محل المكروهين.. نعم هناك من سيرى فيك الحاقد المتربص ليس إلا، لا أنك تريد محبة وصلاحا لرياضة الوطن.. والطامة الأكبر أن الراجي لعفو ربه كاتب هذه السطور.. قد مارس النقد القاسي.. حتى بات في فترة لم تكن قصيرة.. بعيدا عن قنوات.. وخصما لمطبوعات وعرف الإيقاف.. والمساءلة.. بل إن النقد وعدم السكون أمام من يريد عبثا.. قد أفضى إلى إشكاليات من بينها محاولة تشويه السمعة والاستعانة بمن يلفق ويكذب للتقليل من مستحقات نالها.

قد يسأل سائل ما بالك الآن تستعيد مسيرة العقدين.. وكأنك قد نلت شيئا من الماضي.. أقول وحسبي المولى أن مجتمعا يُنتقص فيه الإعلام ويُبحث عن تهميشه لن يرتقي أبدا.. نريد أن نكون محقين في نقدنا.. إيجابيين في إعلان رسائلنا.. لا نخنع ولا نلوم.. قصتي ليست خاصة بمقال آخر الأسبوع الماضي عبر مقال «أيها الرماة ألا مسدس تعيرونه» وليست مرتبطة به.. وإن كان النقد من خلاله قد خرج من القلب محبة في بلد نتمناه دائما الأفضل والأرقى.. لكن هي من حكايات المتداخلين على هذه الرياضة.. ورميهم بالسوء للإعلام.. وكأن هذا الإعلام رجس من عمل الشيطان.. هم يريدونه منقادا خانعا.. لكن لن يتسنى ذلك.. رغم سوأة التوجه الذي أفضى إلى جعل المتلقي البسيط من الجماهير يعيش في دوامة «هذا معي وذلك ضدي».

لن نبرح مكاننا إذا بقينا على فكرنا المتضعضع الصادر من أولئك الذين يعتقدون أنهم فوق النقد.. أولئك الذين يستفزهم مقال.. ويستثيرهم رأي تلفزيوني بما أفضى إلى مهاترات أفضت بدورها إلى مطبلين بدورهم أفضوا إلى عدوانية بدورهم اقتحموا الإعلام وعاثوا في بعضه فسادا.. أقول إن من لا يقبل النقد لا خير فيه.. ومن يرى أنه أكبر منه فهو لن يرتقي أبدا.

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين تولى الخلافة مخاطبا المسلمين «إذا رأيتم مني اعوجاجا فقوّموني» وخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وعبر مناسبات كثر رحّبا بالنقد والتكاشف بين المواطن والمسؤول.. وبعض منّا ما زالوا يعتقدون أنهم فوق النقد رغم أن هذا النقد وسيلة للإجابة عن التساؤلات المحيرة المقلقة المؤدية للحقيقة والإصلاح.

خلاصة القول أننا نتمنى أن تتبنى مناهجنا التعليمية ثقافة تقبل النقد، تدرّسها، تعممها.. نتبناها في جميع مجالاتنا.. نشير إلى ذلك.. وكأننا لم نسمع قول مالك بن أنس رضي الله عنه حينما وقف على قبر رسول الله وقال كلمته الشهيرة «كلٌ يُؤخذ منه ويُرد إلا صاحب هذا القبر»، وحسبنا أننا في زمن أعور فيه من يعتقد أنه يعتقد أن فوق النقد.. وصلى الله على نبينا.