المراقبون «المبرقعون»

صالح بن علي الحمادي

TT

في عالم السرعة لبنات الريح «الأصايل».. العاديات.. بل أجمل المخلوقات بعد البشر «الخيول».. عندما يريد المدرب من جواده ألا ينظر حوله، بل ينطلق بأقصى سرعة غير «آبه» بما أو من حوله، فإنه يبرقعه.. أي يلبسه برقعا!!

والمثل العربي يقول «انزع برقعك لترى ما حولك وتقدم آراءك بناء على رؤية واسعة واضحة.. لا مبرقعة»!!

بل إن خبراء الطيور الجارحة، خاصة الصقور، متى أرادوا «كتم» حركة طيورهم وإراحتها وضعوا «البرقع» على رؤوسها كي لا تشعر بما يدور حولها وتنام.. باطمئنان وسلام!!

اليوم في عالم «شبابي» متحرك - حد الزلزلة - يصر البعض من المراقبين.. في التحكيم.. التحليل.. الكتابة.. التدريب.. وحتى «التهذيب».. على رؤية الأمور من خلال «برقع» أشبه بالدربيل، ذي عين واحدة ثابتة غير متحركة!!.. وبالتالي هم يقيمون الأمور بمنظور ضيق الرؤية والأفق!!.. الأمر الذي يعني أحادية تحكيم وتحليل وكتابة وتدريب!!

يا سادة ويا أحبة ويا كرام.. هنا (من باب الأمانة والموضوعية) لا نعتب على قليلي التجارب والخبرات، عندما يأتي الأمر متعلقا بطرح رؤى وأفكار أو تحليلات مقروءة أو مكتوبة ذات علاقة بشتى المنافسات الشبابية الرياضية.. فهنا لا بد أن نأخذ على أيديهم حتى يشتد عودهم وتتسع آفاق رؤياهم بعدما تتحجم عندهم نزعة الميول التعصبية التي تحجب رؤيتهم أكثر مما تفعل «البرقعة»!

متى أردنا إعادة بوصلة الرياضات السعودية عامة.. وكرة القدم «الذهبية» خاصة.. لا بد من التطلع حولنا كثيرا - انظر حولك - واسترجاع التجارب البطولاتية السابقة وكيف أصابت نجاحات باهرة!!

فمثلا في الاستوديوهات التحليلية.. لا أعتقد أنه من الحنكة والفطنة «في شيء» أن تناقش سبل رفع الأداء البدني واللياقي للاعبي فريق تعلم سلفا أن غالبية عناصره يسهرون حتى الصباح ويدخنون «النرجيلة» ويلعبون البلوت «متقرفصين» ولركبهم «موترين» على مدى ساعات.. والتغذية غالبيتها وجبات سريعة!!

وفي الحديث عن التدريب وفنونه.. أحيانا (قد) يكون ضربا من السذاجة والحماقة أن تطالب مدربا بأداء تكتيكي جيد.. وهو في الأصل المدرب عديم النجاحات.. بل جل تجاربه السابقة الطرد من محطة إلى أخرى.. وأكثر من خمس محطات!!

بصراحة أكثر.. عندما تغيب الروح القتالية والإقبالية على اللعب بحماس.. ويصاب الفريق ككل بالفتور الذهني والبدني لأن لاعبيه لم يتسلموا رواتبهم لستة أشهر.. هل ننتقد المدرب العام، أم مدرب اللياقة، أم رئيس النادي؟.. اختر ولا تحتر!!

وحينما يأتي الخبراء الأجانب (واحدا تلو الآخر) وجمعيهم يوصون (وبقوة) بالاعتماد على المدربين الوطنيين أكثر من الأجانب ويرفعون توصياتهم لرئيس الاتحاد.. هل نضع لائمتنا على لجان المدربين، أم على مجلس الإدارة في الاتحاد الموقر، أم على الإعلام؟.. أيضا اختر ولا تحتر!!

وعندما يأتي اللاعب الأجنبي بعشرات الملايين ليلعب في فرق الدوري السعودي، وخلال شهور يتراجع مستواه بصورة مخيفة، هل نلقي باللائمة على المدرب، أم المسابقة الضعيفة التي تراجعت للوراء عشرات الخطوات؟.. لا تختر أو تحتر!!

المطلوب العودة للماضي القريب والمقارنة كيف كان العشرات من اللاعبين الأجانب ترتقي مستوياتهم عندما يأتون للعب في الدوري السعودي القوي وقتذاك!!

ولأن المساحة انتهت سنعود للمبرقعين ثانية «قريبا»، لكن بعدما نكون قد طرحنا مقالة «لا زعامة.. دون نصر».. ومقالة «اتهام الإعلام»!! والسلام ختام.

[email protected]