معاودة!

عبد الرزاق أبو داود

TT

رغم «هدوئه» الظاهري، ما انفك يلوي عنق العبارات، وينفث المعرضات المغرضات، كجزء من «منظومة رياضية» محلية اهتزت أو كادت تسير عكس التيار بكل مكوناتها، وتعدى ليصوب على «الأهلي» ورجالاته ويلقي عليهم بالكثير من الإسقاطات، ويصمهم بالمؤلم من القول الباطل، تحسبا لارتدادات انفعالية، وقد اعتاد بعضهم أن يصبوا جام غضبهم، ويريقوا حبر أقلامهم، ويطلقوا ألسنتهم على كل من خالفهم! في حدة لم نعهدها؛ فكيف سولت له نفسه؟ قال محدثي كل هذا، فأجبت: «على نفسها أم عليك جنت براقش»؟ وإن كنت ونحن من أهل الدار، كيف لا، وقد نشأنا وترعرعنا وسنظل في ذات الدائرة؟! ولن نعير أسماعنا أو عقلونا أحدا في ذلك، وما تعودنا أن نفعله محض «مشاركة متواصلة» في خدمة رياضة الوطن عبر الأهلي العزيز السامق دوما.

قال محدثي: أما وقد بدأت تفقد قدرتك على التصدي، وتنأى مبتعدا، وتلتصق تدريجيا بجوانب الممارسة الاجتماعية الترويحية، وأكثرها إثارة للمتاعب، وأشدها عتوا في التأثير سلبا على شبابنا، وأبعدها عن الإنصاف، فلن أدعك «تنجو» بذلك، تحوطا لمقبل الأيام والأحداث، وما قد يتبع ذلك من مؤنة الدفاع والتروي والهجوم، مهما حاولت أن تتمسك بأقوى الحجج المتوازنة التي تزعمها، وكي لا تكون كطائر يغرد بعيدا.

«على هوينك»، ولمَ كل هذا الغمز واللمز المبطن والصريح، والاتهام بانتفاء الإحساس، وحرج المكان والمكانة، وكأنما أردت بكل هذا إشعارنا بفقدانك القدرة على إبصار الطريق السوي، وكأن تطور الوعي الفردي والجمعي عاد القهقري، وأن كل ذلك كان كي تعيد علينا إعمال وظائف التوجيه المحنطة.. وأهمية استعادة اتجاه البوصلة الصحيح؟! للتذكير فقط فإن وظيفة الدماغ تكمن في كونه عنصر ترشيح وترشيد المعلومات؛ يدفع عديمها، ويبقي ما صلح منها، وما زلنا بحمد الله نملك شيئا من ذلك، على ما نظن!

هلا علمت أن هناك من أثنى، وانتقد، وتحفظ، وصمت، وكأنما أصيب بصمم في خضم تطورات متلاحقة، يعجز بعض من يدعي علما أو حكمة أن يلاحقها في صحراء التيه الكتابية! وذلك ديدن التعاملات، وقد كان الإنسان أكثر شيء جدلا! مجتمعنا ما زال يقتات فتات عصر المتناقضات، وإدراكنا ما زال قاصرا عن العبور إلى المفاعيل العقلية الإبداعية الثقافية المتشعبة، التي تحفز على الإنجاز والابتكار، والإنسان ابن عاداته وما يألفه!

علم الإنسان أن يبسط الأمر بإشارته إلى أهمية أن يعيد صياغة نفسه وتكوين ذاتيته حتى يستطيع التقدم والإقدام، وإلا فالجمود والتخلف، ولن يفلح الإنسان في إعادة الصياغة إلا بعلم، وتوائم بناء، وهو ما لا يريده البعض، حتى أولا وتاليا. سنقولها صراحة: «دع عنك ادعاءات النصح، وحراسة الفضيلة، والزم سبل احترام عقلية الآخرين وخياراتهم، ولا ضير ولا حيف عليك أو على أحد في حقنا وحريتنا في إتباع خيارنا، حيث انطلقت رغبتنا للارتواء من منابع العلم والمعرفة والثقافة، لتمتزج بعبق الرياضة العقلية والبدنية والفكرية, فأين تكون أنت من كل هذا وذلك؟!».