من يقود من؟

مسلي آل معمر

TT

كان رد واين روني، نجم مانشستر يونايتد، سريعا على صحيفة «الإندبندنت» من خلال «تويتر»؛ حيث قال: لا أفكر في ترك مانشستر يونايتد، وأحترم التزامي مع النادي والمدرب، وما قيل عن تركي للنادي غير صحيح. وفي الوقت ذاته أصدر النادي بيانا يؤكد ما قاله اللاعب، ويشدد على تمسكه بالنجم الإنجليزي.

لقد جاءت هذه الحادثة العابرة، التي نرى مثلها في إعلامنا يوميا حالات كثيرة، لتؤكد أن العمل الاحترافي يدرك أهمية الإعلام بوجهيه، السلبي والإيجابي؛ فالنادي واللاعب استشعرا أن تداول خبر كهذا قد يهز استقرار الفريق؛ لذا فضلا وأد الشائعة في مهدها، لكنهما لم يقولا إن الإعلام يريد أن يتآمر لهز استقرار الفريق وتمهيد الطريق للفرق الأخرى للفوز بالدوري، لقد كان الرد على حجم الخبر الذي نشر وربما أقل.

لا شك أننا الآن نعيش ثورة معلوماتية هائلة؛ فالمعلومة الدقيقة من الممكن أن تكون بين يدي الباحث عنها خلال دقائق، بشرط أن يملك هذا الباحث صلاحية لدخول الإنترنت، وبالتالي أصبحت عملية الاستيلاء على تفكير المتلقي أمرا صعب المنال، ومتى توافرت المعلومة الدقيقة فإن الكل، أيا من كان هذا الكل، قادر على أن يبني عليها تحليله وتقييمه ثم تشكيل قناعته؛ لذا من الصعوبة أن نجد كميات من العقول المعروضة للتقبيل كما كنا نجد في السابق أيام الحبر والورق وفي زمن الأثير، بل إن المسألة الآن أصبحت عكسية؛ فشباب الإعلام الجديد أصبحوا هم من يؤثرون في «معتقي» الإعلام التقليدي؛ حيث نجد أحد الهواة يبدع في تجهيز مقطع فيديو يثير به الرأي العام ويكشف عما يعجز عن كشفه الصحافيون المحترفون، بل إن المتابعين في «تويتر» و«فيس بوك» أصبحوا يناقشون كتاب الرأي والصحافيين في ما يطرحونه، فإذا كابر أحدهم على رأي ما يظهر له المتابع رابط مقال أو مادة كتبها قبل مدة من الزمن تناقض ما قال أو مقطع «يوتيوب» يحمل دليلا ما. أما في السابق فقد كانت بعض الصفحات الرياضية تظهر وتحلل المباريات على أهواء من يكتب وليس للقارئ سوى الاستقبال دون أن يتمكن من التعليق والتفاعل، وحتى لو حصل التفاعل بعد أسابيع عبر رسالة بريدية فإن التأثير غالبا ما يكون ضعيفا. بينما في الوقت الحاضر لا يجد أصغر متلقٍّ صعوبة في وضع الصحافي في أضيق الخانات بل قد يجبره على التراجع عن آرائه.

في زمن الإعلام الجديد يبقى الصحافي أو الكاتب الذكي هو من يحترم التقنية، ويحترم عقل المتلقي قبل أن يكتب أو يقول رأيا؛ فهو بالتأكيد سيجد من يجبره على التراجع عما قال إذا كان مخطئا، وإلا فإن كشفه أمام الجميع أصبح عملية سهلة، كسهولة ظهور أي متعصب في برنامج تلفزيوني!