ما بين نور وسيرينا

محمود تراوري

TT

«المشهدان الثقافي والرياضي في وطننا متشابهان، ففي الوقت الذي ننتظر فيه منهما الحراك والانتصارات، أصبحنا نستفيق على انتكاسة تلو الأخرى فواقعهما مزرٍ نعايشه الآن. وتحولت ثقافتنا ورياضتنا من القاعات والمنصات والملتقيات الثقافية والملاعب إلى مواقع التواصل والصحف والمنتديات ويا ليتها بالإيجاب (ليس على وجه العموم). ندعو إلى تقبل (الآخر) والتعايش معه ونحن لم نقبل أو نتعايش مع بعضنا البعض، بل نرفض ونركل ذواتنا». هذا ما يقوله بصوت جهور الزميل محمد آل ناجم من «الوطن» في «فيس بوك». بينما يروي الاتحادي فراس عطية أنه سمع ذات لقاء محمد نور وهو يرفض بشدة أن ينتمي ابنه مستقبلا للوسط الرياضي.

دوليا وبعيدا عن اللغط المحلي، جاء لافتا تصريح نجمة التنس الأميركية سيرينا وليامز، المصنفة رابعة: «لا أحب كرة المضرب اليوم، لكني موجودة هنا، أردت القيام بأمور أخرى في حياتي وتعزيزها في المستقبل، أعتقد أن هذا الأمر يساعد على تحفيزي». وأضافت وليامز: «أنا لم أتوقف عن حب اللعبة، في الواقع، لم أحب الرياضة قط، ولم أفهم كيف أصبحت رياضية، لا أحب التمارين أو أي تدريب جسدي، أعشق الجلوس والتبضع».

يا ساتر! تصريح مثير للدهشة، فبعد كل هذا المجد والشهرة والدخل الجيد، تقول هذا، الذي يتقاطع - بشكل ما - مع ما نسب لمحمد لنور. ما يدعوك للتساؤل وأنت تصر على أسنانك عن الحقيقة، وعما يحدث حقا وراء الكواليس في الحقل الرياضي، أو الثقافي؟

قبل القول بأن سيرينا كانت واضحة وهي تحدد أسباب تأففها «لا أحب التمارين، أو أي تدريب جسدي»، علينا التفكير عميقا في أن كلا الحقلين سواء الثقافي أو الرياضي لا يخلو من الدخلاء والأدعياء، الذين يسيئون بالضرورة - إن بقصد أو بغير - للمشهدين، ويشوهانهما، ويفضون إلى إثارة الاشمئزاز المطلق عند الحقيقيين والممتلئين موهبة وصدقا وإبداعا. بل حتى عند المتلقي المكتنز وعيا وممتلك القدرة على فرز المتردية من النطيحة والظفر بما هو حقيقي وخلاق وغير دعي، الميال إلى إعمال الذهن وتحريض العقل على التفكير أكثر من النزوع للإثارة الرخيصة التي للأسف باتت مطلبا يقرره من لا يملك رؤية، أو تقدم المشهد لأسباب غير مهنية، مرفوقا بدوافع نرجسية تميز طروحاته، مما يجعلك تحتار لبرهة وأنت تتساءل «هل حقا العملة الجيدة تطرد الرديئة؟». لكن من يملك إمكانية، وصلاحية تحديد جودة العملة من رداءتها؟