العنصرية!

مسلي آل معمر

TT

من دون أي مقدمات أقول: لن تكون الهتافات العنصرية حكرا على مدرج الهلال، فالأيام المقبلة كفيلة بكشف منبع هذه الثقافة غير المستغربة على الأقل بالنسبة لي، والتي أرى أنها نتاج المجتمع، المدرسة، المنزل والشارع. وهذا المجتمع هو الذي خرج لنا النصراوي والأهلاوي والاتحادي، فلو أن المنافسة على أشدها بين النصر والاتحاد لربما سمعنا مثل تلك العبارات من المدرج الأصفر، فمشجعا الناديين خرجا من المنزل نفسه، ولا شك أن أكبر محرك لهذه الكوارث، هو قلة الوعي بخطورة العنصرية، أي أن هناك من لا ينبذ هذه الثقافة بل يغذيها، فتجد بعض الأسر تؤنب الابن لمجرد أن لديه صديقا من غير محيطها، أو تحثه على ألا يصاحب إلا (عيال الحمايل)، لذا مرت كل الأحداث العنصرية دون أن تجد من يستنكرها. حتى نادي الهلال الذي يقف على رأسه رئيس مثقف لم يستنكر في بيانه الذي أصدره هتافات الجمهور ويشدد على عدم قبولها، وهذا أضعف الإيمان، في الوقت الذي أعرب فيه نادي ليفربول في الأسبوع نفسه أسفه الشديد لهتاف مشجع واحد فقط ضد اللاعب فرديناند بلفظ عنصري، وأكد أنه سيتعاون مع الشرطة في التحقيقات مع المشجع الذي قبض عليه، وما بين الحالتين يتضح الفارق في التعامل مع القضية نفسها، حيث كان القانون والوعي حاضرين هناك غائبين أو مغيبين هنا. لذا أعتقد أنه من نافلة الكتابة والنقد أن يطالب الكاتب بتطبيق قوانين ضد العنصرية والكل يرى ما يحدث على أنه أمر طبيعي!

لفت انتباهي كلمة قالها مشجع أهلاوي خلال برنامج «كورة» يوم الجمعة الماضي أظن اسمه عبد الله القحطاني حيث قال: أن تسعى لجنة الحكام لإيقاف الحكم مطرف القحطاني وهم لم يحموه من الهجوم والتهديدات التي وصلت إلى منزله فهذا أسميه فضيحة، وأضاف: احموه ثم عاقبوه.

في الحقيقة أن هذا المشجع الذي أتى من المدرج ولم يعمل في الصحافة أو الأندية واللجان قد لامس جرحا لم تره عيون من ينظرون في كل مكان، فأن يحتج الجمهور أثناء أو بعد المباراة على الحكم فهذا أمر ليس بالغريب، لكن أن يصل الهجوم إلى منزله، فذلك يعني أنه لا يوجد قانون واضح يهابه العابثون ويحمي الآمنين، ومن أكبر الأدلة على ذلك هو أن المشجعين الذين اقتحموا ملعب الخرج قد ظهروا في التلفزيون بعد أيام قليلة، دون أن يعرضوا للمحاكمة وفي استهتار واضح وتحد صارخ للقانون المفترض وجوده. ثم جاءت حادثة تهديدات الحكم مطرف القحطاني لتضع الاتحاد السعودي لكرة القدم على محك آخر، يتمثل في ملاحقة الفوضويين عبر القنوات الرسمية، ومحاكمتهم. ولو أنني أعتبر أن كل ما يحدث في داخل الملاعب وخارجها مرده إلى ضعف القانون في إطار الرياضة، حيث إن الفوضى هي القاعدة والتنظيم والحقوق هي ما شذ عنها!