الصافرة ونظرية المؤامرة

مصطفى الآغا

TT

عندما نتحدث عن كرة القدم فنحن لا نتحدث عن لاعبين فقط.. بل نتحدث عن منظومة من بين مكوناتها اللاعبون والمدربون والإداريون والأطباء والجماهير والمنشآت واتحاد اللعبة، وأيضا ومن دون شك، من بين مكوناتها حكام المباريات الذين تعرضوا ويتعرضون وسيتعرضون للنقد، ليس في السعودية وحدها بل في كل مكان تكون فيه كرة قدم وصافرة وجمهور لا تعجبه هذه الصافرة، ومن هنا فإن منع نقدهم أو محاسبة من ينتقدهم برأيي أمر يستحق النقاش، فكيف نمنع نقد مَن يتأثر مئات وملايين من البشر بقراراتهم، وهم في النهاية بشر يخطئون ويصيبون، وكل الدنيا شاهدت هدف مارادونا بيده في شباك إنجلترا في كأس العالم بالمكسيك 1986، ولكن حكمنا العربي التونسي علي بن ناصر هو الوحيد الذي لم يشاهده.. فهل نمنع الآخرين من انتقاد الحكم؟ وليس خافيا أن نقد الحكام ليس حكرا على الجماهير والإعلاميين، فكم شاهدنا مسؤولين كبارا ورؤساء اتحادات ينتقدون التحكيم ويكيلون له الاتهامات.

إذن النقد ليس هو المشكلة برأيي، بل هي جملة أمور وخطوط حمراء لا يمكن التغاضي عنها لا تجاه حكم ولا لاعب ولا إداري ولا حتى حارس مبنى.. فالكل سواسية أمام أمور مثل الشتم والسب والقذف والذم والتشكيك بالذمم، وهنا أنا مع ليس فقط محاسبة من يفعل ذلك، بل مع أن يكون القضاء هو الفيصل والحكم بين الشاكي والمشكو.

فلا أحد يقبل أن نقول إن الحكم الفلاني «مرتشٍ» من دون دليل أو إثبات، ولا نقبل أن نتهم حكما أنه قرر وخطط لهزيمة فريق على آخر بسبب ميوله، لأن هذا تشكيك بذمة الرجل ودخول في نواياه.. هذا ما أنا ضده ومع التشدد في التعامل معه، وليس مع النقد العادي وحتى القاسي على صافرات شاهدها الملايين وحكموا على صوابها من خطئها.

وهنا أعيد وأكرر أنني مع التحكيم الأجنبي مهما كان «ضعيفا»، ومهما غيرت صافراته من نتائج المباريات، لأننا على ما يبدو كبشر نتقبل الظلم من الغريب ولا نتقبله من القريب، لأننا مشبعون بنظريات المؤامرة، حتى في حياتنا الزوجية والعائلية، فكلما قالت الزوجة شيئا أو رأيا لزوجها فكر واعتقد أن أمها هي التي علمتها أو أن أحدا لقنها ما تقول.

نعم مع كامل احترامي للمطالبين بمنح الحكم المحلي فرصته، أقول آسف، إذ يجب أولا أن نتقبل قراراته بحلوها ومرها وعجرها وبجرها قبل أن نطالب بمنحه الفرصة كاملة غير منقوصة.