أفيقوا!

مساعد العصيمي

TT

كتب المفكر الكويتي الدكتور سليمان العسكري قبل نحو عامين مقالا رائعا لافتا عن الرياضة، من إحدى فقراته: «إن الرياضة بكل ألعابها، وفي مقدمتها كرة القدم وغيرها من الألعاب الأكثر جماهيرية وجذبا للناس، أصبحت ركنا أساسيا من تكوين المجتمعات البشرية في كل مكان، ومثلما نفكر ونبحث عن وسائل الارتقاء بمجتمعاتنا في مجالات التعليم والصحة والصناعة والزراعة، فعلينا أن ننظر إلى هذا القطاع الرياضي بالمستوى نفسه الذي ننظر به إلى المجالات الأخرى، وأن لا نترك هذا المجال ينمو عشوائيا فيسقط بيد المرابين والمتاجرين به. فلا بد أن نأخذ بعين الاعتبار واليقظة أهمية رعاية هذا القطاع والاهتمام به قانونيا، وأن نوليه رعاية ونظرة اجتماعية ترتقي به، وتنشره في الوعي الثقافي للمجتمع والاستفادة من جماهيريته للارتقاء بالمجتمع صحيا ونفسيا وترفيهيا».

انتهى ما اخترناه، وإن كنت أعترف أن زميلنا محمود تراوري هو من دلني على مثل هذه الأفكار عبر أطروحاته عن الرياضة والتجارة.. لكن ما رميت إليه من هذه المقدمة المقتبسة هو أن أربطها ببعض التساؤلات عن ما نتوقعه لأجل تهيئة أجيالنا.. والأساس في الموضوع أن تبادر الجهات المعنية إلى الاهتمام بالرياضة وجعلها حافزا كبيرا لأفراد المجتمع، بدلا من الإهمال الذي تلقاه تنافسا وترويحا وتعليما، حتى باتت متراجعة إلى درجة أن هناك من بات يترحم عليها. نعم هي ركن مهم جدا من أركان المجتمع السعودي، بل إنها زادت لتكون الحديث الأكثر تداولا بين فئاته، ناهيك بأنها الأكثر تداولا بين المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي.. «تويتر» وإخوانه، لكن من يُقنع، ومن يَقتنع أن العمل للرياضة والعمل على رقيها يمنح الشباب آفاقا ذهنية تطويرية أفضل؟ لسنا بصدد تعداد الأفضليات، لكن وجب على بلد في مقدمة العالم سياسيا واقتصاديا أن يبادر إلى دعم كل مكونات العمل الشبابي، بل وما يستثيرهم إيجابا، أوَليست الرياضة تفعل ذلك؟!

ولكن إن استمرت الدوائر الحكومية من مالية وتربية وتعليم وبلدية ورئاسة عامة لرعاية الشباب في أنانيتها بأن ترى مثل ذلك عملا متأخرا في الأولويات فإنها مصيبة وأي مصيبة؟! فمن الظلم أن نتقاعس عن دعم الرياضة التنافسية والرياضة الترويحية والأخرى الصحية في النوادي وفي الأحياء وفي المدارس.. ندعمها بأن تكون جل المشاريع مرتبطة بها، وأجزم بعدها أن شبابنا سينعمون بأفق تفكيري جيد وأبدان صحية سيرتقي التعليم بها، وتزدهر الصحة جراءها، ناهيك بالنتائج التنافسية الدولية والإثارة المحلية الإيجابية التي ترفع الرأس.. غير التخلي بسببها عن عادات سيئة وأفكار هدامة عبثت ببعض شبابنا.

علينا أن نفكر بإيجابية؛ لأن المردود سيكون أكبر بكثير مما دفع له.. لنهيئ الظروف، ولا أفضل من الرياضة في تحقيق ذلك بكل مناشطها التي ذكرناها، لا سيما أن عصرنا هذا يعيش مرحلة حاسمة من تطور الإنسانية فيه من الاختيارات الشيء الكثير. وأجزم أن ما تقدمونه سيكون هو ما يحدد صلاحية ماء النهر الذي سنستقي منه.

نحتاج إلى أن نعمل بكل جد وبذل لتحقيق التحول نحو مستقبل إيجابي يكون مفيدا لبناء قيم وسلوك الأفراد، لكي يزداد الأفراد التصاقا بوطنهم وحضارتهم ودينهم وبنيانهم الاجتماعي القائم، بل لكي يحافظوا عليه أكثر.

صدقوني أن ثمن تجاهل المتطلبات الرياضية الشبابية بكل توجهاتها ثمن فادح.. نتمنى أن تتحدثوا كجهات معنية باسم الرياضة والشباب وتعرضوا أهميتها. والأهم أن تتجاوزوا النظرة الضيقة، ونفكر بتجلٍّ لأجل عمل اجتماعي مهم جدا، ألا وهو الرياضة.. ولنصرف عليها كل ما تستحقه، لأن بخلنا سيكون له ثمن فادح.

* صورة مع التحية لوزارة المالية - التربية والتعليم - الرئاسة العامة لرعاية الشباب - البلدية والقروية.

[email protected]