البحث عن الكرة الكاملة لا يعني الرجعية

أريغو ساكي

TT

في تحليل نشر قبل يومين، تمت محاورة ماريو سكونشيرتي، المحرر الرياضي بصحيفة «كورييري ديلا سير»، حول كرة ساكي، وعلى الرغم من اعترافه بأفضال مدرب الميلان والمنتخب الإيطالي الأسبق، فإلا أن كاتب المقال قد كتب: «.. ساكي يتحدث دائما عن نفسه ويخلط تجربته بالأسلوب المطلق.. لا يمكن اعتبار ما قام به نموذجا يحتذى به لأنه كان عمل رجل استثنائي.. لا شيء يشرح أن طريقة أفضل من أخرى»..

أقدر سكونشيرتي دائما، وأعرفه منذ زمن، وتقديره لي يضغط علي، ولذا أيضا أود العودة نحو بعض اعتباراته حول قناعاتي بشأن كرة القدم. أعرف أنه يمكن الفوز بطرق مختلفة، وأنه يمكن لعب كرة قدم مختلفة وبشكل جيد أيضا (انظر لفريقي أودينيزي ونابولي). حينما كنت أعمل مدربا لم يكن لدي يقين مطلقا أبدا، وليال كانت مليئة بالشكوك والنعاس المضطرب. النقطة الثابتة الوحيدة كانت، وما زالت، أنه يمكن تقديم أكثر وأفضل دائما وأننا كنا نود الفوز عن استحقاق كامل. لا أعتقد أن هناك طريقة مطلقة، بشكل معاكس لما يتم نسبه إليّ، لكن لا ينبغي أن نقلل من قيمة أن فرق أياكس والميلان وبرشلونة الآن هي التي ميزت الأربعين عاما الأخيرة بحسب النقاد العالميين، وقد تحركت هذه الفرق في سياق متطور على أساس مفاهيم كروية عامة متشابهة تقريبا.

الثلاثة فرق تعكس الاعتماد على الأداء الجماعي، حيث يشارك كل لاعب في المرحلة الهجومية والدفاعية فهو متعدد المهام، لكونه مرتبطا بزملائه بخيط لا يمكن رؤيته وهو اللعب. لاعبون مترابطون بشكل جيد ومتقاربون يتحركون إلى الأمام وإلى الخلف عبر الملعب بطريقة منظمة ومتناغمة. ويضاعف التناغم كذلك الثقة والإبداع والمهارة (انظر لفارق الأداء بين ميسي البارسا وميسي المنتخب الأرجنتيني). أتحدث عن فريق بأحد عشر لاعبا في مراكز خطرة بالكرة ومن دونها، من دون لاعبين خاصين وحيث يشارك الجميع. في مقابلة صحافية مؤخرا، أكد غوارديولا أنه تلقى بعض الإيحاءات من ميلان عام 1989، مثلما أنا تلقيت من فريق أياكس.

أعتقد أن هذه الفرق قد سمحت لنظام كرة القدم بالتطور ومسابقة الزمن وجعل رياضتنا على «آخر صيحة» دائما. إن ماريو مثقف للغاية، لدرجة أنه لا يعلم أن المفاهيم الكبرى تم تأملها ومحاكاتها في كافة المحافل، وقد أعطت دفعات حاسمة من أجل التجديد والتحسين. إن لم تكن الرياضة الأكثر متابعة في العالم هكذا لصارت غير مناسبة لزماننا. كما أنه من الحقيقي أيضا أن أي خطوة إلى الأمام في إيطاليا تجد عقبات صعبة كثيرا. خلال مباراة لمنتخب الناشئين تحت 21 عاما، بين إيطاليا والدنمارك، كان كوستاكورتا يقول لي: «لقد ساروا على نهجنا في العالم بأسره ما عدا في إيطاليا». لقد فازت فرقنا بالكثير، وإنما بوجه عام من دون إنجازات دولية. كرة القدم الإيطالية كانت بلا مشاعر ولا انسجام في مرات كثيرة، وإن كانت مؤثرة بقوة. لكن، من أجل كرة قدم أكثر اكتمالا وأكثر انطلاقا نحو المستقبل، أعتقد أنه من المهم أخذ الإلهام من تلك الفرق التي رسمت لنا المسار عبر النتائج والأداء الممتع.

لنحاول ألا نكون محافظين ونتهم بالرجعية والأصولية من يعتقد أن مفاهيم اللعب، أيضا في بيئة لا تقبلها كثيرا، لا بد أن تخرج من قفص التخصص والفردية.