هل القادم أعظم ؟

مصطفى الآغا

TT

ليس واردا أن أكتب عن أي موضوع باستثناء «مجزرة» بورسعيد التي أودت بحياة 74 شابا بعضهم تم قتله دهسا وبعضهم بالسلاح الأبيض وبعضهم تم رميه من الطوابق العليا في مشهد «دموي» لا يحدث بين أعداء فما بالكم بأشقاء من نفس الدولة.

تابعت شهادات أهالي الضحايا والموجودين في الملعب وتابعت ردود الفعل الانفعالية و «المسؤولة» من استقالة محافظ بورسعيد إلى مدير الأمن إلى إقالة اتحاد الكرة ثم منع رئيسه من السفر ثم استقالة الرئيس وأعضاء الاتحاد جميعا وتابعت دموع الناس وصراخ الإعلاميين الذين أجمعوا على كلمة واحدة «إيه اللي بيحصل في مصر ولمصلحة مين وكل ده ليه؟».

قد يكون الكلام وقت الكارثة جزءا من الانفعال الجماعي الذي لا يوصل لأي نتيجة ولهذا تعلمت أنه في كل النكبات والنكسات العربية الكروية وغير الكروية لم يتم فيها علاج أي حدث كارثي رغم تشكيل لجان التحقيق والتدقيق التي ولدت هي الأخرى كرد فعل على أمر جلل.

ولكن العكس تماما يحدث في العالم الغربي (الديمقراطي) حيث تصبح نتائج التحقيق علامات فارقة في تاريخ البلد بل ويصبح بعضها أساسا لمواد دستورية أو قانونية.

ما حدث في مصر ليس فقط نتيجة الفوضى و«فلول النظام السابق» ومؤامرة محبوكة ومحاولة لضرب الثورة التي حطمت كل التابوهات السياسية التي كانت مفروضة على الإنسان المصري بل هو أيضا نتيجة تراكمية لعقود طويلة من عدم الانتباه لزيادة الحساسيات بين الأندية وجماهيرها وهو ما يدفعني لقرع جرس الإنذار (المتأخر) وليس المبكر لكل من يعمل في الشأنين الرياضي والإعلامي بضرورة أن ننتبه بشكل كبير لخطورة ما حدث في مصر وإمكانية حدوثه في بلداننا التي يعتقد البعض أنها «مُحصّنة ضد مثل هذه الكوارث» وهو ما ذكرته يوم الاثنين الماضي في كلمتي في ندوة دبي الدولية للإعلام الرياضي حول خطورة

«دحش» كل من هب ودب من غير المؤهلين في الوسط الإعلامي إضافة إلى إصرار البعض على الإثارة كبند أول وأخير في برامجه ومقالاته وتحليلاته لأن الإثارة بالنسبة لهم هي «ملح وبهارات لا بد منها» وذكرت في الندوة أن الإعلام يمكن أن يعمل الكوارث لو لم تتم مراقبته (ليس فقط من قبل ضمير العاملين فيه) بل من قبل هيئات إعلامية ذات مصداقية وإجماع وذات مسؤولية وصلاحيات لتطبيق المحاسبة على الجميع من دون استثناء بالتنسيق أو من دون التنسيق مع الحكومات العربية.. هيئة أو لجنة أو اتحاد يتم انتخاب أعضائه من قبل كل العاملين في الإعلام الرياضي الحكومي والخاص وتكون قراراته ملزمة للجميع قبل أن نرى كوارث رمادها جاهز لمن يحركه وللأسف هناك من يحركه بقصد أو من دون قصد وسعدت جدا أن مجلس دبي الرياضي الذي نظم الندوة الدولية للإعلام قد وقع 4 مذكرات تفاهم مع رئيس الاتحاد الدولي للصحافة جياني ميرلو ورئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية الزميل محمد جميل عبد القادر ورئيس الاتحاد الخليجي الزميل سالم الحبسي وفيصل القناعي نائب رئيس الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية وخرجت 10 توصيات طلبنا أن لا تكون حبرا على ورق واحدة منها تقول «استحداث تنظيم مهني إعلامي رياضي عربي يضم نخبة من الإعلاميين المتميزين لإدارة المسؤولية المهنية والأخلاقية للإعلام الرياضي، تعمل على تفعيل اللوائح والأنظمة والمعايير المهنية للاختيار والرقابة، بهدف ضبط وتنظيم هذه المهنة والوصول بها إلى الأداء المهني المحترف».

كل هذا حتى لا يكون القادم أعظم.. والله أعلم.