كرة القدم رجس من عمل الشيطان؟!

مساعد العصيمي

TT

لم يكن اجتماعا لافتا.. بل حمل كل الألم والاختلاف.. والتناقض.. هذا ما حدث مع بعض نخب من توجهات مختلفة التقيتهم في مناسبة خاصة.. حينما طال الحديث حول ما جرى في ملعب بورسعيد.. وخص أولئك الذين انتقلوا إلى رحمة الله من جراء الشغب.. وكيف أن اختلافا مصريا بين من رأى أنهم شهداء.. وبين من رأى غير ذلك.

الجدل المصري تجاوز إلى مجتمعنا في تحديد هوية كرة القدم.. وحكمها الشرعي.. وأجزم أن عبثا يريد البعض أن يستمد منه حديثه.. كيف لا والغوغائية باتت وسيلة استخدام.. لا حد لها.. وفي خضم النقاش انبرى أحدهم ليشير إلى أن كرة القدم رجس من عمل الشيطان.. من الجدير علينا أن نجتنبه.. محدثنا انبرى للدفاع عن رؤيته غير المقبولة من خلال.. أنها وبأهدافها وتوجهاتها تتنافى مع المروءة وما ينشده الرجل الحق؟!

كلام غريب وعجيب وأي مروءة يتحدث عنها صاحبنا.. فهل بلغ الإسفاف بنا حتى ننكر على الآخرين حقهم في الترفيه والعمل المباح.. من سمح للبعض بالتقييم والتقويم.. وأي أمر هو يتحدث عنه.. المشكلة أننا في مجتمعنا تعودنا أن التحاور مع من يتطرف برأيه يأخذ في كثير منه إلى التحدي أو الرمي بغير المنطق.. وعليه إما أن تصمت وهذا ما يحدث كثيرا من جراء أن المجتمع حذر متوتر تجاه القضايا الاجتماعية والدينية وأي انغماس ورؤية مختلفة فأنت ضد.. لكن هلا استندنا على الرأي الحق الحصيف فيما نقول.. أم أننا سنركن إلى رأي كذلك الرأي الذي أطلقه قائد إحدى الميليشيات المتطرفة في الصومال الذي أفتى كما نقلته من مواقع عدة أن «كرة القدم اخترعها مسيحيون ووضعوا قواعدها وبدأوا مسابقاتها وبطولاتها، ولهذا تبقى كرة القدم لعبة محرمة على كل المسلمين.. حرام لعبها أو إدارتها أو الفرجة عليها والانشغال بها.. مونديالها أيضا حرام».

عدت إلى محدثنا وسألته إلى ماذا تستند فبعد أن بلع ريقه وتوازن في مقعده.. قال إن ما تم التوجيه فيه هو الفروسية والتسابق والرماية والسباحة.. وغير ذلك من العبث الملهي المنهي عنه.. ثم استطرد قائلا إن عورة الرجال فيها تتكشف وهذا ضد المروءة.. ناهيك على أن مبارياتها العالمية وحتى العربية الآن تظهر فيها النساء المتبرجات اللواتي لا هدف لهن إلا إثارة الرجال.. ثم قفزت كلمة منه وكأنها الانتصار العظيم حينما قال.. إن فيها تشبها بالكفار من رهان وجوائز.. ألا يكفي ذلك؟!

وبعد التعوذ من الشيطان الرجيم أقول لصاحبنا عفى الله عنه.. هل قاماتنا العلمية الدينية الكبيرة التي نعتز بها ستترك الأمر لو أن به سوءا ومضرة من الناحية الدينية وحتى الاجتماعية.. بل أزيد له ومن خلال بحثي القصير لأذكره بما وجدته عن الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: «الأصل في مثل هذه الألعاب الرياضية الجواز إذا كانت هادفة وبريئة» وأدعوه للعودة إلى ابن القيم في كتاب «الفروسية» والشيخ تقي الدين ابن تيمية وغيرهم.. فلماذا نريد دائما أن نضع العصا في العجلة.. لماذا نفتي بما لا ندرك أبعاده.

السؤال المطروح: هل حقا هناك في زمننا هذا من يفكر بهذه الطريقة.. بالطبع غير صاحبنا الذي بدا أنه يملك الحقيقة كلها والآخرون ونحن معهم مغفلون ملعوب عليهم؟!

[email protected]