شرف الحوار الكروي!

مساعد العصيمي

TT

يتبادر إلى الذهن سؤال عن سر هذه الركض التلفزيوني الغريب وراء الكرة السعودية؛ هذا الأمر الذي تحول خلال فترة وجيزة إلى لهاث.. هي قصة غريبة الأطوار لا نفتأ نقرأها بكثير من الحذر، فلأجل جذب محبي المستديرة، رصدت أعلى الميزانيات واستقطب أعتى المحللين، ولا بأس من استقطاب كم من التافهين المهرجين لبعض التسلية ولإعطاء بعض المشاهدين قدرا من الترفيه، وكله على حساب كرة القدم السعودية.

الفرضية القائمة من الانتشار المتنامي الموحش الذي قد لا يجده أي تنافس كروي محلي في العالم، أن هذه القنوات والحوارات أرادت إشباع نهم المتلقي بطريقة تجذبه وتثيره وتبعده عن الملاعب، لذا بات الاتحاد المحلي والأندية يرفعون عقيرتهم بالشكوى من أن الجماهير أدارت لهم ظهرها، حيث إن هذه البرامج تشبع نهمه بما تجود به بعد المباريات.. نؤكد ذلك ونحن لم نأت بجديد ونحن نقول إن التلفزيون وعبر هذه البرامج قد نحا إلى تغيير في السلوكيات والخطاب القائم، وباتت كل قناة تستهدف الشارع وكأنها تفرغه مما يعرف، ولا بأس إن كان هناك مهرجون أو تدليس، وحتى بعض فتنة وازدراء، ومن ثم، لا بأس أيضا أن يكون الخاسر الأكبر هي كرة السعودية ومعها مشجعها ومصداقيتها وخطابها.

التسابق محموم، حتى إن قنوات دينية واجتماعية فعلت الأمر باقتحام هذا الدوري حتى لو من غير لقطات مصاحبة.. المهم أن تشترك في اقتسام الكعكة المتناثرة في كل حدب وصوب.

البرامج كلها تكاد تكون نسخة واحدة؛ عناوين وأخبارا وحوارا وتناقشا وبعض أسئلة استفزازية ورأي جماهير، ومن ثم، يتم تعليق المشكلة لتستمر الدورة تباعا في الغد، وعلى المشاهد أن يستمر فاغرا فاه منتظرا.

هناك بعض مثمرين مفيدين.. وعليه، لن نعمم على الجميع سوء المادة ورداءة الحوار، مع إيماننا أن الجانب الدعائي تملك الأمر وعاث فيه فسادا.. كيف لا، وهو يبحث عن المكسب بوصفه مردودا لأموال طائلة دفعها؟ فهل فقد الحوار الكروي التلفزيوني شرفه جراء ذلك؟!

صراحة قد تغضب البعض، لكن ما يبهجنا أن الواعين اكتشفوا أن اتساع دائرة التلفزيونات المتابعة للكرة السعودية قد نحا إلى جريمة ضد هذه الكرة حينما أهدر رزانتها، وبث التشكيك فيها؛ بل إنه ألب جماهيرها عليها من خلال النواح والصراخ الذي يبثه، وبما جعل ينابيع النقد العاقل المفيد تجف مع هذه التلفزيونات.. نعم، لقد سحقت التلفزيونات شخصية الكرة السعودية وجعلتها بائسة متدثرة بالستر.

كنا نتمنى أن تعلو التلفزيونات بمستوى التعبير عن الكرة السعودية؛ ليس حوارا، بل تقييما ونقدا فنيا ورأيا جماهيريا، وتداخلا. لكن هيهات، فالابتذال، وما «يغث» مشاهدك الكريم موجودان.

من المؤسف أن نبلغ ما بلغناه، في سبيل التسابق على المشاهدة، ومن المؤسف أن نتشاتم علنا كي نكون في محل الحضور أمام المشاهد، ومن المؤسف أيضا أن نستعين بالتافهين لأجل أن نقدم عملا مشاهدا عنوانه: «كيف تكون كرة السعودية تافهة حسب رأي التافهين»!

[email protected]