نحن و(ريكارد) ومعسكر أستراليا!

هيا الغامدي

TT

مع إعلان الأسماء التي اختارها الهولندي فرانك ريكارد لمعسكره الإعدادي المقام بأستراليا الأيام المقبلة - البلد الذي سنقابله في الـ29 من الشهر الحالي، في مباراة مصيرية ومفصلية ومحورية، نكون قد بدأنا جديا رحلة التأهل كثاني المجموعة للمرحلة التالية من التصفيات المؤهلة للنهائيات!

بالنسبة لقائمة ريكارد المختارة، فهي متوازنة برأيي وواقعية، كونها ركزت على عنصري الشباب والمخضرمين، والإمساك بالعصا من المنتصف، والجمع بين إيجابية سنوات الخبرة التراكمية لدى من تم اختيارهم، الذين ربما وجدوا بها الفرصة الأخيرة لإعطاء أفضل ما لديهم كخلاصة خبرة، وروح وعزم وانطلاقة وديناميكية الشباب الواعد، الذي سيجدها فرصة لتقديم نفسه وعرض إمكاناته على مسرح الأحداث الكروية الدولية وملامسة حلم جديد اسمه المونديال!

والأكيد أن ريكارد يعلم أنها ليست هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة كأسطوانة مملة وشبه محفوظة من الاعتراضات - الانتقادات - التشكيك في الأسماء المختارة، التي اختصرها الرجل بعبارة (رضا الناس غاية لا تدرك)، عطفا على حنكته وقراءته للذهن المحيط.

ومن إيجابيات العمل الاحترافي، وكمهنية عالية ودقيقة من ريكارد تجاوبا مع نقطة سبق أن ذكرتها أنا شخصيا ومعي من معي، تتعلق بضرورة التقاء - تواصل - تفاعل - قرب - اندماج عمل مدرب المنتخب مع أقرانه بالأندية المحلية، وضرورة تعاطيه باستمرار معهم، بالمشاورة والاجتماع، بغية القرب أكثر من وضعية اللاعبين، سواء الدوليين القدامى الموجودين بالقائمة من حيث ارتفاع - انخفاض مستوى، أو من ناحية ضم لاعبين مستجدين ضمن (تارغت) التحديث، وبالتالي يكون تواصل مدرب المنتخب أكثر مرونة وجدوى وفاعلية بمسألة معرفة أدق التفاصيل حول المستوى والإمكانات الفردية.. من جهتي، أشدد على عمل المدرب الذي بدأ يؤسس له كمنهج بزياراته ورحلاته المكوكية بين الأندية، التي لم تتوقف عند حد المتابعة الكلاسيكية القصيرة بالمباريات، بل بالالتقاء بكافة منظومات الأندية، والاطلاع على آلية عملها الاحترافي، وتبادل وجهات النظر مع كافة الجهات، إدارية وفنية وطبية، تضامنا مع مسيرة العمل الوطني المتكامل.

تلك المبادرات التي هي من صميم العمل الاحترافي، يجب ألا تعطينا الحق لنفيها وتهميشها ونسيانها، والمطالبة بتسريح المدرب وإلغاء عقده مع أول مطب أو نكسة - لا قدر الله، فأنا مع قناعة إدارة المنتخبات وتجديدها العهد بالمدرب وثقتها بإمكانياته واستمراره لنهاية مدة عقده، كفانا قرارات عشوائية ووقتية ومرتجلة، كفانا تحميلا للمدربين لمجمل إخفاقاتنا، فالإقالات غالبا يتبعها إخفاق، يبدأ من نقطة العودة من البداية كل مرة!! وأمثال هذا الفكر المستورد، عرفناه من فكر الأندية وذهنية القائمين عليها، وشخصيا أنا مع الفكر الذي ذهب إليه ريكارد بمسألة زرع الثقة والمسؤولية في عناصر فريقه، بوصفه لمباراة أستراليا المقبلة بالمصيرية (مسألة حياة أو موت)، وفي المقابل استهجن تلك النظرة المتدنية كنظرة ثقة بقدرة منتخب الوطن على الوصول لأبعد وخطف بطاقة التأهل الثانية!

كما أن الإعلان عن المكافأة المالية التي تمثل (تحفيزا ماديا) غير صحية برأيي، وكان يفترض أن يتم استبدالها (بالتحفيز المعنوي)، فالمهمة وطنية ليست (نادوية)، والتهيئة النفسية أهم بها لرفع وتيرة حس الانتماء الوطني كسمعة ومصير وانتماء. ولمن يجدف عكس العمل القائم بالمنتخب من (المستعلمين)، أقول في الصمت حكمة: ادعموا منتخبكم أو اصمتوا، فالصمت أحيانا تاج على رؤوس العقلاء، لا يتقنه إلا الأنقياء!

[email protected]