ميكافيلية الحوار الكروي!

مساعد العصيمي

TT

كان ردا يحمل صوت قامة كبيرة نعتز بها ونتباهى بمحادثتها.. كانت عبارات هذه الشخصية ضافية ومؤثرة وهي تناقش الفقير إلى عفو ربه كاتب هذه السطور عن مقال الأسبوع الماضي «شرف الحوار الكروي».

نعم أفاضت الشخصية وتألمت من سوء بعض الإعلام الرياضي.. هذا الذي دفعنا إلى مجاهل التحقير والتقزيم لبعضنا.. حتى بتنا متعصبين أقرب إلى التخلف الحواري الفكري.

كل ما أفاض به كان جميلا ومؤثرا، لكن بصراحة شدني كثيرا وهو يتحدث عن البعض، إن لم يكن أكثر بقليل من البعض، وكيف أنهم تجاوزوا حدود شرف المهنة بحوارات مخلة مذلة، وشدد على أن من تدفعه منافسات الكرة إلى فقد بوصلته الأخلاقية فجدير أن يبتعد، وأقول لمحدثي الفاضل: تخاطب من؟ وتنصح من؟ وجميعهم في الهم إثارة يتنافسون على الشارع الرياضي بوسائل الإثارة المخلة تارة والفتنة تارة أخرى.

قال لي: كنت أتمنى أن يظهروا كمتفوقين في المعرفة والفضيلة في المعلومة وصدق الحجة.. لا الغثاء والاستهزاء والتنابز.. قلت له: ليس كذلك فقط، بل إن التجني والافتراء باتا ضمن الأجندة الحوارية..

قال لي: السقوط الفكري الرياضي هو اتخاذ المواقف التعصبية الدنيئة التي تتعاكس عن أهداف اللعبة الكروية الجميلة.. ما يظهرون عليه يعبر عن مواقف شاذة ملَّ منها المتابع.. وبدا أنهم يأخذون منافسات الكرة إلى لغة هابطة، ويدفعون المشجع إلى تعصبية مجتمعنا في غنى عنها؛ لأنها ستقود إلى عصبيات وتنافر.. واستطرد قائلا: إن ميكافيلية ظاهرة في الحوار الرياضي جعلت من كرة القدم أقرب إلى أن تكون نزقا لا مكان فيها للمتعة والإمتاع، قلت له: لكن الرياضة ومصداقيتها والشرفاء ضحايا لأولئك المختبئين تحت ثياب الولاء لأنديتهم.

لن أزيد على ما قاله، لكن يبدو أن الرائحة النتنة لبعض الحوارات قد استفزت المجتمع، وأذكر هنا أن أول من وجه له سهام التسبب بأحداث بورسعيد هو الحوار الكروي التلفزيوني هناك، وكيف أنه خرج عن عقاله ليخوض في أمور جعلت لغة الكره والازدراء قائمة بين الفرق والمدن حتى بات المشجع ينظر إلى الآخر ليس كمنافس يحترم بل كعدو ينبذ ويرفض، وشاهدنا كيف كان النتاج.

نحتاج إلى مصارحة عنوانها الالتزام والحصافة والحوار الهادف كي نستعجل التخلص من تلك البثور التي أعيت المنافسات السعودية.. أقول: نحتاج إلى الإثارة والجدية ومقارعة الحجة والتلاقي والتحاور، وكل ما من شأنه أن يضفي على كرتنا ألق الحديث وتواصله عنها، لكن لا نحتاج إلى الأدعياء المتعصبين الذين بعد التنابز بدأوا بالدخول في نفق الكذب والافتراء.

[email protected]