علة الكرة السعودية

موفق النويصر

TT

بالأمس، وكما كان متوقعا، فقد المنتخب السعودي الأولمبي بطاقة التأهل الآسيوية لأولمبياد لندن 2012، بعد تذيله قائمة المجموعة الأولى بتعادلين وثلاث خسائر، كانت آخرها من المنتخب القطري بنتيجة 1-2.

هذا الخروج الذي حذرنا منه منذ بداية التصفيات، أرجعه البرازيلي روجيريو موريس المدير الفني للمنتخب السعودي، إلى تداخل عوامل كثيرة تسببت في وجود خلل واضح في أداء الفريق، ليس من بينها الجانب الفني، لكون الفريق تعاقب على تدريبه أكثر من جهاز فني، ولكن ظلت العلة على حالها دون تغيير.

شخصيا لا أختلف كثيرا مع ما ذهب إليه السيد روجيريو من أن الخلل الذي تعاني منه الكرة السعودية ليس فنيا صرفا داخل الملعب، وبخاصة عندما يكون الحديث عن الفئات السنية المختلفة وصولا إلى «الأولمبي».

ولمعرفة حجم المشكلة التي نحن بصددها الآن، يكفينا فقط عقد مقارنة بسيطة بين ما كان متوفرا في السابق من كوادر فنية للفئات السنية، وما هو متاح لها الآن.

فبعد أن كنا نستعين بأسماء مثل الصربي الراحل ليوبيسا بروشتش، الذي قال عنه المدرب الوطني محمد الخراشي، إنه كان يذهب معه يوميا بسيارته الخاصة إلى بيوت اللاعبين الصغار ليتأكد بنفسه من شربهم للحليب الذي يجلبه لهم قبل نومهم، والذي قبل أن يشرف فنيا على مدرسة الهلال الكروية، درب أندية سانت أوين الفرنسي، وريسنغ بيروت اللبناني، وبي إس في آيندهوفن الهولندي، ويوفنتوس الإيطالي، وبرشلونة الإسباني، والنصر السعودي، ومنتخبات ألبانيا ومصر ولبنان ونيوزيلندا والكويت - أصبحنا نوكل هذه المهمة إما لمدربين لا نستطيع أن نفرق بينهم وبين اللاعبين الذين يدربونهم لصغر سنهم، وإما أننا نستعين بلاعبين محليين لم يمتلكوا يوما المهارة الكروية أو الانضباطية التكتيكية أثناء ركضهم على المستطيل الأخضر.

حقيقة لا أختلف مع من يقول إن اللاعبين السعوديين يمتلكون المهارة الكروية، ولكني أجزم أن الكثير منهم تنقصه أساسيات كرة القدم، بدءا من كيفية الاستلام والتسليم، والتحرك بدون كرة في المساحات الخالية، ورفع الرأس ومشاهدة الزميل قبل التمرير له، ناهيك عن ثقافة قطع الكرة بدون ارتكاب مخالفة، والتهديف بالرأس والعينان مفتوحتان، والتهديف من خارج الصندوق، وانتهاء بالقدرة على توزيع الجهد بين أشواط المباراة.

وهذا ما يجعل الهوة شاسعة بين اللاعب السعودي ونظيره في دول العالم المتقدمة كرويا، لكون المهارة الأساسية تكون متقاربة لدى الجميع في مراحلها الأولى، ولكن الفروق تظهر بشكل جلي لصالح «الأجنبي» مع مرور السنوات الاحترافية، فتكون النتيجة أن تتصدر أسماء لم تتجاوز الـ23 ربيعا قائمة أفضل لاعبي العالم، في وقت ما زلنا نجدد فيه بملايين الريالات للاعبين انتهت صلاحيتهم، على حساب لاعبين شباب نبعدهم عن البطولات الرئيسية، ونحشرهم في أخرى جانبية، أقل ما يقال عنها إنها فقيرة فنيا وجماهيريا وإعلاميا.

الأكيد أن عودة الكرة السعودية إلى سابق عهدها تحتاج إلى الكثير من العمل المضني، ولكن مشوار الألف ميل يحتاج دائما إلى اختيار البداية الصحيحة، إذا ما أردنا أن نختصر طريق العودة إلى منصات الذهب، فليس أفضل من البدء مما انتهى إليه الآخرون.. فهل نفعل ذلك؟

[email protected]