ليس بالإمكان أكثر مما كان!

موفق النويصر

TT

ما إن أطلق الحكم الكوري كيم دونغ صفارة نهاية مباراة السعودية وأستراليا، والتي انتهت صفراء بنتيجة 4-2، حتى بدأت برامج «التوك شو» الرياضية على القنوات السعودية الرسمية والخاصة في تحميل طرف على حساب الآخر مسؤولية الإخفاق في بلوغ نهائيات كأس العالم 2014 بالبرازيل.

وكعادتنا كسعوديين، فقد نال الهولندي فرانك ريكارد النصيب الأكبر من سهام النقد، عطفا على أداء الفريق في شوط المباراة الثاني، ووقوفه موقف المتفرج من الأخطاء التي وقع فيها اللاعبون، بينما ذهب آخرون إلى تحميله المسؤولية على المستوى العام للفريق في كامل التصفيات.

وهناك آخرون نحو إلى تحميل اللاعبين مسؤولية الخروج، وتحديدا بعض الأسماء التي شاركت في اللقاء ولم تظهر بالأداء المتوقع منها.

الفئة الثالثة حاولت أن تلبس الجانب الإداري مسؤولية الإخفاق، وطالبوهم بالاستقالة بدلا من اتحاد الكرة، الذي أوكل لهم المهمة كاملة دون تدخل منه.

شخصيا لا أستطيع أن أتحدث كثيرا عن الشأن الفني، فهذا المجال له رجاله وخبراؤه، وإن كانت لي قراءات بسيطة كمهتم بالشأن الرياضي، مثل ملاحظة أن الجهة اليمنى للمنتخب كانت تعاني من خلل واضح نتيجة تقدم حسن معاذ للهجوم، ولم يعمل الجهاز الفني على تدارك ذلك، فاستغلها الفريق الأسترالي كثيرا عند اختراقه للدفاعات السعودية.

المشكلة كما أراها أننا ما زلنا نوهم أنفسنا بأن علة الكرة السعودية تتمثل في غياب المواهب الكروية وعدم كفاءة الأجهزة التدريبية التي نجلبها للعمل في ملاعبنا، وهذا اعتقاد خاطئ، بدليل أن العديد من منتخبات العالم التي لا يتمتع لاعبوها بالمهارة الكروية، نجحت في انتزاع أغلى البطولات ونالت أفضل الألقاب عطفا على مستوياتها الكبيرة.

الغريب أننا حين نتحدث عن الكرة السعودية نتجاهل أن كرة القدم أصبحت منظومة متكاملة تأتي المهارة الكروية في نهايتها بعد أن كانت قبل سنوات في مقدمتها. بدليل أن الأندية والمنتخبات التي تسيطر على المشهد الكروي في العالم الآن، هي التي تجمع بين القوة البدنية واللياقة العالية والدقة في تنفيذ التكتيك المطلوب منها داخل الملعب، وأخيرا تمتعها بالمهارة الكروية.

وهذا ما يجعل معضلتنا تتمحور حول بنية اللاعبين الجسمية، ولياقتهم البدنية، وفكرهم الاحترافي.

فالأولى أصبحت ظاهرة للعيان وذكرناها مرارا وتكرارا في مناسبات مختلفة، بأن التغذية غير السليمة للاعب السعودي منذ النشء هي السبب في ضعف بنيته الجسمية، وتعرضه لخطر الإصابة المتكررة.

أما اللياقة البدنية فأقرب مثال يدلل عليها تجربة الهلال مع البلجيكي إيريك غيريتس، عندما أجبر لاعبي الفريق على التمارين الصباحية وفق برنامج رياضي واجتماعي محدد، انعكس ذلك إيجابا على أداء فريقه. وعندما تخلت الأجهزة الفنية التي تلته عن هذا البرنامج، عاد الفريق إلى الإيقاع الذي عليه باقي الأندية.

تبقى المعضلة الأخيرة وهي تجربة الاحتراف الخارجي، والتي ظهرت جليا في أداء منتخبات قارة آسيا مثل الأردن ولبنان والعراق وسوريا وإيران وعمان، مقارنة بأداء منتخبات الخليج الأخرى، ممن يؤثر لاعبوها اللعب في أوطانهم وبين أهاليهم، على فكرة الاحتراف الخارجي ومكتسباته المتعددة.

لذلك فإنه من دون تكامل هذه المحاور لن تستطيع الموهبة السعودية مهما تعاظمت، ومهما جلب لها من كفاءات تدريبية، أن تنافس التطور الذي يحققه الآخرون، وبالتالي يكون ما قدمه المنتخب السعودي في هذه التصفيات، ينطبق عليه القول المأثور «ليس بالإمكان أكثر مما كان»، ومعه لا يمكن أن نلوم المنتخب على عدم التأهل لنهائيات كأس العالم للمرة الثانية على التوالي.

[email protected]