التعصب يسيطر على كرة القدم الإيطالية

باولو كوندو

TT

تجنبا لأي سوء فهم، أوضح في البداية أن تقييمي لأحداث مباراة الميلان واليوفي يبتعد بشدة عن مبدأ «الجميع تضرروا، لا أحد تضرر»، الذي تحدث عنه كونتي مدرب اليوفي بعد المباراة. فهناك فارق كبير بين الهدف الذي أحرزه مونتاري لاعب الميلان في مرمى بوفون ولم يشاهده الحكم، والتسلل الخاطئ الذي تم احتسابه ضد ماتري لاعب اليوفي، سواء فيما يتعلق بحجم الخطأ أو تأثيره ووضوحه، ولهذا يستطيع الميلان أن يتضرر أكثر من التحكيم، ومع ذلك فإن المستوى الرديء الذي وصل إليه مستوى موقع الميلان الرسمي، بعد عرض ضربتي كوع مزعومتين وجههما بيرلو ضد فان بوميل، أثار ضيق الكثيرين وبعضهم من جماهير الميلان الذين شعروا بالحزن لاستغلال اسم لاعب هام في تاريخ الميلان مثل بيرلو في الحرب الإعلامية ضد اليوفي. ورغم أن العرفان بالجميل مبدأ يكاد لا يكون موجودا في عالم كرة القدم، فإن موقع الميلان بإساءته المتعمدة لبيرلو قد أنكر وجود الود والحب إزاء لاعب منح الميلان خلال تاريخه الكثير من الإنجازات ولحظات السعادة. وإذا كان ذلك شيئا محزنا فإن الأسوأ هو أن محاولة تشويه صورة بيرلو تمت عن طريق أحد المتحدثين باسم نادي الميلان وجماهيره وأبواقه الإعلامية الذي لا ينبغي عليه أن يساهم في إشعال الموقف بل كان يجدر به أن يذكر الجماهير بما قدمه بيرلو للميلان لسنوات طويلة. لكن ذلك لم يحدث وشن الميلان حربا شعواء ضد الجميع بسبب التعادل مع اليوفي وعدم تخفيض عقوبة إبراهيموفيتش، وشملت الحرب الإعلامية أحد نجوم النادي وأعلامه السابقين وهو بيرلو.

وفي هذه الأجواء الإعلامية المشحونة بالقلق والتوتر وتبادل الاتهامات جاء أيضا سيل الإهانات الذي وجهه الإعلامي، المحلل والمذيع التابع لموقع الميلان، كارلو بيليغاتي، إلى كونتي مدرب اليوفي. إنني أعرف بيليغاتي منذ سنوات طويلة وشعرت باستياء كبير للإهانات التي وجهها لكونتي لأنها تسيء دون شك لصورته المعهودة كشخص نزيه ونظيف ومهذب حتى في إطار تحيزه غير الموضوعي لأحد الأطراف. وعندما قرأت ما كتبه عن كونتي على صفحته على موقع «تويتر» ذهبت على الفور لموقع شبكة «ميدياسيت» الإعلامية لأجد بالفعل ما كنت أتوقعه وهو الاعتذار الواضح الذي لا لبس فيه ولا محاولة للتبرير والذي توجه به بيليغاتي لكونتي وجماهير اليوفي عما بدر منه تجاههم من إهانات. فهل انتهت المسألة عند هذا الحد؟ بالنسبة له نعم، لكنها لم تنته بالنسبة لجماهير الميلان على شبكة الإنترنت لأن الإهانات التي وجهها المحلل بيليغاتي لم تفعل سوى أنها زادت من فداحة الشعور بالظلم في عيون جماهير الميلان. وهو ما يجعلنا نتوقع ما سيحدث في المستقبل القريب من تراشق بالألفاظ بين جماهير الأندية ومسؤوليها عبر شبكات التلفاز الخاصة ومواقع الإنترنت وهو ما سيؤدي بالتأكيد لانحدار شديد في لغة كرة القدم الإيطالية.

ولعل أسوأ شيء في هذه المسألة برمتها هو قدرتها على الاستمرار دون عوائق أو حواجز وأن من يحاول أن يوقف هذا الإسفاف الإعلامي يتهم على الفور بالنفاق. ونظرا لأننا جميعا بداخلنا نميل لأحد الأندية، فإن من يحاول أن يبقي هذا الميل بداخله ويحاول الحديث بشكل موضوعي لأقصى درجة ممكنة يتهم بأنه منافق وليس لديه الشجاعة للتعبير عن آرائه. ومع كامل احترامي لبيليغاتي وزملائه المحللين والمعلقين على أدائهم طوال سنوات طويلة في مجال مليء بالألغام والمشكلات، أقول لهم: إن التعصب وكيل الإهانات دون رادع يمثل حافة الهاوية التي لا يمكن للمرء بعدها أن يمنع نفسه من الاستمرار أو ينقذ نفسه من السقوط، ويجب أن نبتعد عن هذه الهاوية إذا أردنا لكرة القدم الإيطالية أن تستمر بشكل جيد.