إيطاليا تنقسم حول الدفاع عن القيم

لويجي جارلاندو

TT

ماذا تنتظرون من بوفون؟ فنحن في إيطاليا التي اشتهرت بفيلسوفها مكيافيللي، ومعتادون دائما على منطق الغاية تبرر الوسيلة وتحقيق الفوز مهما كان الثمن، ولكننا في إيطاليا التي اشتهرت أيضا بالعالم غاليليو الذي دافع عن الحقيقة ساخرا من منطق الحرية الشخصية في تأييد الحقيقة. إذن كيف نحكم على ما قاله حارس مرمى اليوفي بشأن عدم إخبار الحكم بشأن الهدف الذي لم يتم احتسابه للخصم لو كان رآه؟ هل سنقول إنه لاعب في منتهى الروعة والإخلاص، حيث يقدم أقصى خدمة يمكن أن يسديها للنادي الذي يتقاضى منه الأجر؟ أم سنقول إنه رياضي يخون قوانين اللعب وينقل للاعبين مثالا غير مهذب؟

ويشير جس نبض المجتمع الرياضي إلى انقسام إيطاليا إلى نصفين مثل التفاحة؛ نصف يؤيد بوفون وآخر ضده، فأيهما تفضل الصورة أم الأصل من اللاعب ذاته هذه المرة. وازداد النقاش الحماسي اشتعالا حول الكرة التي تجاوزت خط مرمى اليوفي بنصف متر ولم يتم احتسابها وارتفع النقاش عن إطار مباراة الميلان واليوفي إلى إطار أشبه بالفلسفة، فهل من الأفضل أن يكون مخلصا لناديه أو يراعي الأمانة؟ فإن إنكار بوفون دخول الهدف يمثل فن التلاعب الذي ينفع كثيرا في هذه الأيام وندعو صاحبه بالبارع، بل على العكس هو ما ينقصنا للخروج من ذلك الزمان المعتم بالقيم الصلبة والشجاعة الأخلاقية. ولقد عبّر كل شخص عن رأيه وكان من بين أول من فعل ذلك هو تياغو سيلفا، لاعب الميلان، قائلا: «كنت لأفعل مثله». وكان الخصم ليتحرر من معاناته ولكنه واجه انقسام إيطاليا أمام التمسك بالقيم باستثناء شخصين رائعين (زيمان وبلاتيني) حيث اصطف عالم كرة القدم الإيطالية بأكمله تقريبا وراء تأييد بوفون الذي لم يدافع عن الحقيقة مثلما فعل غاليليو، حيث صرح حارس مرمى السيدة العجوز: «سأعيد نفس ما قلته من قبل»، ثم أطلق القذيفة النارية بقوله: «ماذا كنت لتقول إذا جعلتكم تخسرون المونديال بسبب شبح الهدف الذي لم يتم احتسابه؟» في دهاء تام حيث من الأسهل الدفاع عن نفسه بكونه قائد المنتخب الإيطالي الذي يحبه الجميع أكثر من كونه حارس مرمى يوفنتوس، وكمزيد من العمل للفلاسفة أطرح سؤال: هل تؤيدون القيم الأخلاقية أم المنفعة المادية؟

وحينما طالب بوفون بالمساواة في التعامل، قال: «إننا في إيطاليا التي تشتهر بميدان بياتسالي لوريتو» الذي يرمز للمساواة، لعله الآن عليه أن يعيد النظر في ذلك الكلام. كما نحرص على تأكيد إن احترامنا لبوفون، كإنسان ورياضي، يظل كما هو قويا وسليما في ضوء مسيرته وحياته المضيئة. ويمكننا أن نتفهم أن مواقف مثل تلك التي حدثت في ملعب سان سيرو يمكنها أن تقع وتظل سرية. وأن كرة القدم مليء بأحداث السرقة المذهلة ابتداء من حادث الليمون الشهير للورنزي إلى لمسة اليد لمارادونا، فهذه أشياء من الممكن لها أن تحدث، فنحن بشر ونعيش على المحاولة، ولكن لا يمكننا تقبل أن يتم إثارة النقاش حول الهدف الذي لم يُحتسب على هذا الأساس الذي يعود إلى نظرية الغاية تبرر الوسيلة علنا مثلما حدث في تناول تصريحات سان سيرو. ولا يمثل التأكيد على ذلك نفاقا من جانبنا ولكنه بسبب غياب الأخلاق الرياضية الحقيقية باحترام القوانين وتطبيقها دون الرضوخ إلى حل وسط أو القيام باستثناءات. ويذكر إن فاكيتي، بطل الإنتر السابق، كتب في مفكرته حكمة لتولستوي: «لا يمكننا أن نصبح نصف عادلين».