حصالة نقود!!

أحمد صادق دياب

TT

سنظل لفترة مقبلة ندور في فلك خروجنا «المرير» من تصفيات القارة لكأس العالم في البرازيل، وهذا أمر طبيعي جدا، وينم عن تعلق بممثل بلادنا، من قبل الجميع، وحسرتهم الكبيرة على ما حدث. وخلال الأسبوع كله بعد المباراة «التعيسة» أمام أستراليا، سمعنا وقرأنا عشرات الأسباب التي فندها البعض وتحدث عنها، وكل يرى أنها الحقيقة وراء عدم التأهل، من وجهة نظره الخاصة. الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع أن خروجنا من التصفيات ليس بسبب واحد، إنما تراكمت الأسباب، واشترك الجميع فيها، بما فيهم الإعلام الرياضي والإعداد والجهاز الفني والإداري واللاعبون والأندية، والسياسة العامة للتجهيز، لكن لم يُظهر أي منهم شجاعة في تحمل المسؤولية غير الأمير الشاب نواف بن فيصل، الذي ظهر بكل صراحته وحمل نفسه المسؤولية، وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد، وابتعد عن المنصب بكل شجاعة وبأسلوب ينم عن تحمل النتائج والترسبات حتى تلك التي لم يكن له فيها أي دور.

بالتأكيد كانت هناك أخطاء، لكن الذي يجب أن نعيه تماما أن العلاج في كرة القدم ليس سحريا يمكن أن يتم في يوم أو شهر أو سنة، فكُرة القدم الحديثة صناعة تبدأ مع الأجيال الصغيرة، تنمي من خلالها عقولهم وفكرهم بشكل متوازٍ لا يقل أهمية عن موهبتهم.. من المهم الآن أن نبدأ في دراسة ما حصل، بعد أن هدأت النفوس قليلا، والاستفادة من التجربة، ويجب ألا نركن إلى أن السبب هو مباراة واحدة كان بها الكثير من الأخطاء الفنية.

بهدوء وروية يمكن لنا أن نحول ما نراه «مأساة» إلى ثروة معرفية تساعدنا على فهم التركيبة الخاصة بالنجاح والتفوق على مدى طويل، مما يمكننا من صناعة جيل جديد من اللاعبين ينظرون للعبة على أنها جزء من الحياة العصرية، وعمل لا بد من إنجازه بشكل دقيق، وليس «حصالة نقود» تلقي بما فيها في جيوبهم، وأنه على قدر العطاء يكون الجزاء.

أنا هنا لا أخفف وطأة ما حدث ولا ألقي التهم على أحد، بقدر ما أحاول أن أشير إلى أن ما حدث لا يعني نهاية العالم، أو نهاية الكرة السعودية، بل ربما كان محفزا أليما، نحو إعادة التفكير في كيفية صياغة حيل جديد لعام 2018، وهو ليس ببعيد على الإطلاق، لكن علينا أن نبدأ من الآن وليس غدا.

شكرا أيها الأمير على شجاعتك، شكرا على تحملك ما ليس لك فيه ذنب، فالعارفون ببواطن الأمور يعلمون أنك قدمت لهذا المنتخب من الدعم والمساعدة ما لم يحصل عليه منتخب آخر في تاريخ المملكة العربية السعودية، ومع الأسف خذلوك.

يقول جيرارد هوليه، الخبير في كرة القدم: «قد تؤمِّن لي كل ما أطلب وتسهِّل كل الأمور، وأصنع لك لاعبين، لكني لن أستطيع أن أضمن لك الفوز، ولكني أضمن منتخبا محترما فقط».